تدعى ماغدالينا كارمن فريدا كاهلو ، كما يظهر بالوثائق الرسمية في شهادة ميلادها ، وكانت ماغدالينا قد ولدت عام 1907م في منطقة كويوكان المعروفة باسم لا كازا أزول ، وهي بلدة صغيرة واقعة على مشارف مكسيكو سيتي.
كان والدها هو غييرمو كاهلو ، ابن الرسام والصائغ جاكوب هاينريش كاهلو ، وزعم البعض أن كاهلو ذو أصول يهودية وهنغارية ، ولكن العديد من المصادر أكدت انحداره من سلالة ألمانية ، وفي عام 1891م أبحر ويلهلم كاهلو إلى المكسيك في سن التاسعة عشرة ، وعقب وصوله إلى المكسيك قام بتغيير اسمه الألماني من ويلهلم إلى غييرمو.
وكانت والدة ماغدالينا سيدة كاثوليكية تدعى متيلدا كالديرون ، وهي من أصول إسبانية ، التقت غرييمو كاهلو وتزوجا عقب فترة وجيزة من وفاة زوجة غرييمو الأولى ، إبان ولادتها طفلها الثاني من غرييمو .
وعلى الرغم من عدم الاستقرار في هذا الزواج ، إلا أن غرييمو وماتيلدا قد أنجبا أربعة أبناء كانت فريدا أو ماغدالينا هي الثالثة بينهم ، وعند بلوغها الثالثة من عمرها قامت الثورة المكسيكية عام 1910م ، ولعل هذا ما دعاها أن تذكر بأن عام مولدها وافق الثورة المكسيكية حتى يتذكرها العامة مع ذكرى الثورة من كل عام.
مأساة فريدا :
مع بلوغها العام السادس من عمرها ، عانت فريدا من شلل الأطفال الذي أصيبت به وأثر بشدة على ساقها اليمنى ، وتسبب لها بخلل جعلها تكره ارتداء التنورات مثلها مثل الفتيات في سنها ، وإن ارتدتها كانت ترتدي الطويلة منها رغمًا عنها.
بالإضافة إلى معاناتها من مرض خلقي يؤثر على العمود الفقري وتطوره وتطور الساق ، ورغم ذلك ارتادت كاهلو في عام 1922م مدرسة رائدة بالمكسيك ، لم تقبل سوى خمسة وثلاثون طالبة فقط آنذاك من بينهن كاهلو.
الحادث والموهبة :
تعرضت كاهلو إلى حادث سيارة في أحد الأيام ، مما أثر عليها وأرقدها بالفراش نظرًا لعدم استطاعتها الحركة مرة أخرى ، وظلت على هذا الوضع لعام كامل ، وكانت كاهلو في هذا الوقت تدرس الطب ، وما أن تعرضت لهذا الحادث حتى ظلت والدتها إلى جوارها ، تعمل على رعايتها وتساعدها على تخطي تلك المحنة.
بدأت كاهلو في طلب بعض الألوان والفرش والألوان لتبدأ رحلتها مع الرسم ، حيث بدأت ترسم صورًا ذاتية لنفسها من خلال المرآه المعلقة بسقف حجرتها الخاصة ، وقالت أنها لم تكن ترى سوى ذاتها فكانت هي الموضوع الذي تلم به طوال الوقت ، وما أن اعتادت كاهلو على الرسم وبدأت تتضح موهبتها فيه ، صنعت لها والدتها حامل للوحات مصنوع خصيصًا لها حتى تستطيع أن تعمل عليه طوال الوقت وهي راقدة فوق الفراش.
تميزت أعمال كاهلو بتصوير الآلام ، وذلك إثر ما تعرضت له من حوادث منذ طفولتها وحتى تجربة زواجها المؤلمة ، فقد عشقت زميل لها بالمدرسة وتزوجا ، ولكن توترت علاقتهما حيث علمت كاهلو أن زوجها قد خانها مع شقيقتها ، ولحق بها تجارب مؤلمة للإجهاض تعرضت لها كاهلو ، فارتسمت لوحاتها بألوان معاناتها الذاتية ، حيث أشارت كاهلو إلى أنها قد رسمت الواقع وليس الأحلام.
تأثرت لوحات ورسوم كاهلو بالثقافة المكسيكية وثورتها الحرة ، فتميزت بألوان زاهية وبعض الدراما التي غلّفت أركانها وزواياها ، وكثيرًا ما جمعت رسومها قردًا رمزيًا ، وفي الأساطير المكسيكية كثيرًا ما يرمز القرد إلى الشهوة ، بينما صورته كاهلو بأنه رمزًا للعطاء والمحبة ، ولعل هذا ما جمع بين الثقافة المكسيكية التقليدية ، والأداء السيريالي.
وبحلول عام 1939م تمت دعوة كاهلو إلى معرض بفرنسا ، حيث تم عرض لوحاتها في باريس بدعوة من آندرو بريتون ، حيث اشترى متحف اللوفر إحدى لوحاتها ، وكان ما حدث هو عرض أول عمل لفنان مكسيكي من القرن العشرين ، ويتم شراؤه من قبل اللوفر.
وفاتها :
كتبت كاهلو في مذكراتها قبيل وفاتها بأربعة أيام ، أنها تأمل في الخروج إلى حالة من البهجة وألا تعود إلى أحزانها مرة أخرى ، ثم لقيت فريدا مصرعها إثر إصابتها بانسداد رئوي ، إلا أن البعض قد اشتبه بتناولها جرعة دوائية زائدة بطريقة عرضية.
ولم تخضع الجثة للتشريح مطلقًا منذ وفاتها ، وكانت قد ظلت مريضة لعام كامل إثر إصابتها بالغرغرينا في ركبتها وتم بتر ساقها اليمنى بسببها ، بالإضافة إلى إصابتها بعدد من النوبات العصبية التي أضعفت جسدها وأنهكته.
وكتب زوجها عقب وفاتها ، بأن وفاة كاهلو هي اليوم الأكثر إيلامًا في حياته ، مدركًا أن الجانب الأكثر روعة في حياته لم يتضح له سوى بعد وفاة كاهلو ، وتم دفن كاهلو في مسقط رأسها بمقاطعة كويوكان ، وتم تحويل منزلها الأصلي في هذه المقاطعة إلى متحف يضم العديد من أعمالها الفنية ، وبعض المقتنيات الشخصية الخاصة بها.