سليمان بن حمدان الفقيه والقاضي والواعظ أحد رجال المملكة والذي ولد عام 1322هـ ، حفظ القرآن الكريم منذ الصغر وحرص على طلب العلم على يد أفضل علماء عصره ، وكان لسليمان بن حمدان الكثير من الأعمال المعتبرة والجهود الكبيرة ، والتي جعلته يحتل مكانة كبيرة في المجتمع السعودي ، وقد حرص الكتاب الذين أرخوا للمملكة وأشهر أبناءها على أن يذكروا بن حمدان في العديد من التراجم والسير .
وجاء اسم سليمان بن حمدان مع أشهر القضاة الذين مروا على تاريخ المملكة ، حيث أنه عمل في المحكمة المستعجلة بالطائف ، وكذالك عمل كإمام وكخطيب في مسجد ابن عباس في الطائف ، ثم سافر إلى المدينة المنورة وعمل هناك أيضًا في سلك القضاء ، وهناك أيضًا عمل كإمام وكخطيب للمسجد النبوي ، كذالك عمل في المسجد كمدرس .
ثم انتقل إلى مكة وعمل هناك فيها كقاضي في محكمة الأمور المستعجلة ، وبعدها أصبح عضوًا في رئاسة القضاء ، بعد ذلك تولى القضاء في المجمعة ، وحين أحيل إلى التقاعد أستقر في مكة وعمل هناك في التدريس بالحرم المكي ، وعرف عنه أنه يجب عن أي استفسار لأي يرد إليه من رئيس القضاة والذي كان يستفتيه في القضايا التي ينظرها .
العلماء الذي تتلمذ على يدهم :
درس الشيخ سليمان بن حمدان على يد العديد من علماء عصره وكان أبرز هؤلاء العلماء الشيخ سعد بن حمد بن عتيق ، والذي درس عنده الشيخ وكان يلازمه حتى في بيته ، من أجل أن يتعلم ويستزيد من العلم ، وكذالك درس على يد عبد الله بن عبد العزيز العنقري القاضي والذي كام يعمل في سدير ، ودرس على يد السيخ عبد الستار بن عبد الوهاب الدهلوي .
العمل :
كانت مسيرة سليمان بن حمدان مليئة بالإنجازات العلمية والعملية ، فقد تولى في بداية حياته القضاء في محكمة الأمور المستعجلة في الطائف ، وفي نفس الوقت عمل كإمام وخطيب في مسجد ابن عباس رضي الله عنهما ، بعدها انتقل إلى المدينة المنورة وعمل فيها في القضاء ، وتولى الإمامة والخطابة في المسجد النبوي ، ولم يكتفي بذلك بل عمل كمدرس في المسجد .
عاد إلى مكة وعمل فيها أيضًا في محكمة الأمور المستعجلة وفي نفس الوقت كان عضوًا في رئاسة القضاء ، ثم تولى القضاء في المجمعة في عام 1364هـ وبعد خمسة أعوام أحيل إلى التقاعد ، وحينها عاد إلى مكة واستقر فيها ، وهناك عمل كمعلم في المسجد الحرام .
موقفه من الخرافات :
كان سليمان بن حمدًا صاحب موقف قوي للغاية من أهل البدع والخرافة ، وكان دائمًا ما يتصدى لأي شخص يحاول أن ينشر هذه الأفكار ، وعُرف عنه أنه لا يخشى في الحق لومة لائم ، ويقال أن هناك حادثة شهيرة أثبتت هذا ، وكانت هذه الحادثة حين كان في المدينة المنورة ، ففي أحد الأيام جمع الشيخ طلابه وبعض أصحابه بعد صلاة العشاء ، وأمر بإغلاق أبواب المسجد النبوي ، وقام بنفسه بإزالة جميع الكتابات الشركية التي كانت بالمسجد .
ولم يكن الشيخ يصمت على أي رأي مبتدع وكان يتصدى للمبتدعة ، وكان يقف بشدة أمام أي شخص يتعرض للتوحيد ، حتى أنه تم اعتباره ركن أصيل في العقيدة السلفية في المسجد الحرام ، حيث أنه كان دائم الدفاع عن العقيدة السلفية وكان كذالك محبًا لأهلها.
أخلاق سليمان بن حمدان :
كان الشيخ سليمان صاحب خُلق رفيع ، وعرف عنه أنه كان قنوع ، وكان يحب اعتزال الناس من أجل البقاء في المسجد ، وكان محب للعلم وللتدريس ، ويخصص جزء كبير من وقته للعبادة ، وكان يحب أن يتطوع في الكثير من العبادات ، وكان يخشع في الصلاة والدعاء ، حتى أنه تم مشاهدته أكثر من مرة يبكي أثناء الصلاة والدعاء .
وكان يحب أن يقرأ القرآن كثيرًا ويطيل في الصلاة ، وكان عفيف النفس لا يلتفت إلى الأمور المادية وألا إلى حطام الدنيا ، فهو كان دائمًا ما يقول أن لا أحد يأخذ معه شيء ، وكان يحب القراءة والإطلاع ، وكان دائمًا ما يحب أن يقلد السلف الصالح في سلوكهم وطريقة حياتهم .
التدريس :
كان صاحب منهج جديد في التدريس جعله مثال يحتذى به في التدريس والتعليم ، فكان يعتمد على أسلوب عصري في الشرح والتعليم ، وكان يحب دائمًا أن يفتتح الدروس بخطبة قصيرة ، وبالاستعانة بالله تعالى والصلاة على الرسول ، بعدها يذكر الله في آيات وأحاديث ومن ثم يقوم بالشرح .
وكانت دروسه مميزة حيث كان يتحدث بصوت مرتفع وواضح ، ودائمًا ما يتحدث بالعربية الفصحى ولم يكن يتحدث بالعامية أبدًا أثناء الدروس ، وشرحه دائمًا وافيًا ويحب الطلاب حضور دروسه ويأتون من الأماكن المختلفة من أجل الحضور والتعلم .
كان الشيخ يدرس التوحيد والتفسير والحديث والفقه والنحو وأصول الدين ، العديد من العلوم الأخرى ، وكان يحرص على أن يتطلع على أحدث الأبحاث في شتى العلوم من أجل تعلم كل جديد في كافة العلوم .
توفي الشيخ سليمان في عام 1397هـ في الثاني عشر من شهر شعبان ، وكان حينها في مسكنه للمصيف ، وجاءت الوفاة بسبب سقوطه أثناء الوضوء ، حيث وقع على رأسه ولم يتمكن الأطباء من إنقاذه فتوفي بعد هذه السقطة بأسبوع واحد ، ودُفن في الطائف بعد أن صلى عليه المعزون من الأهل والأقارب والأصدقاء والطلاب والزملاء في مسجد العزيزية .