محمد علي زينل أو تاجر اللؤلؤ وهو نجل الحاج زينل بن علي رضا ، الذي يعد أحد أهم أعمدة بيت زينل التجاري ، والذي وهب حياته لتعليم أبناء المملكة ، فقام بافتتاح العديد من المدارس ، وسافر إلى العديد من الدول من أجل العمل للحصول على أموال من أجل الإنفاق على المدارس بالمملكة .
كان يشتري اللؤلؤ من مواني البحرين ودبي ويقوم بثقبها وتصنيفها ومن ثم بيعها ، فعرف من ذلك الحين بتاجر اللؤلؤ ، وكانت هذه التجارة تدر عليه أموال كثيرة فكان ينفق كميات كبيرة من هذه الأموال على المدارس ، وعلى ابتعاث الطلبة إلى خارج المملكة ، فكان خيرًا لدرجة أنه كان يقترض من أجل الإنفاق على ملاجئ الأيتام والأرامل ، وكان له الكثير من النشاطات التي يهدف بها إلى خدمة المجتمع وتطوره .
الأسرة :
ولد محمد علي زينل في أسرة كبيرة عرفت بالتجارة ، ويتعجب الكثيرين من اسم زينل الذي في الأساس هو اختصار لاسم زين العابدين ، ولد زين في الحجاز وتعود أصل الأسرة إلى قبيلة سهم القرشية ، ولكن بحكم التجارة تغير المسكن عدة مرات على السواحل في الخليج العربي .
فكانت أسرة آل زينل شافعية المذهب ، وكانت أسرته تعرف بالكرم والفضل والإحسان ، وكذالك أيضًا البر وقد عرف عن والدته زينل السيدة آمنه بنت علي الزاهد أنها سيدة صالحة راجحة العقل ، تربت بين أسرة تعمل بالتجارة وتشتهر بالعلم .
الميلاد والشباب :
ولد محمد علي زينل عام 1301هـ في جدة وكانت أسرته من الأسر التقليدية ، التي تهتم بالآداب العامة وبالأخلاق والدين والفضيلة ، وتعلم منذ الصغر قرأة القرآن والعلوم الفقهية والشرعية ، وتدرب مع والده على أمور التجارة .
تم إرساله إلى الهند ليتعلم المزيد من أمور التجارة ولكنه لم يحب المكان كثيرًا ، فقرر أن يسافر إلى القاهرة وأن يدرس بالأزهر الشريف ، وقد أجاد اللغة العربية تحدثًا وقراءة وكتابة ، كذالك تعلم الكثير من اللغات فقد كان يتحدث الانجليزية والفرنسية والفارسية وكذالك الأردية .
وكان مهتم بأمور الدين ويحرص على الصدقات والزكاة ، وقد أسس نادي الصلاة مع أخيه عبد الله علي وعدد من أعيان جدة ، وكان النشاط الأساسي في النادي هو الصلاة ومن ثم الأنشطة الأدبية والثقافية الأخرى ، كالشعر والأدب والقراءة التاريخية وكذالك ممارسة بعض الرياضات .
العمل :
كان رائدًا فيما يخص التجارة بأسرته وقد أسس البيت التجاري عام 1845م ، وكان حينها يعمل في تجارة الأقمشة ، وكان عمله يعتمد على الاستيراد من الهند الذي أسس بها مكتبًا هناك ، وقد اتفق مع العديد من الشركات الأخرى من أجل تطوير العمل في البيت التجاري.
وقد أنشأ ما يسمى بالكبانية وهي مكان متخصص في ترجمة الوثائق ، فقد كانت الرسائل الخاصة بالتجار تصل على الكوبانية ويتم ترجمتها ، مما استدعى أن يؤجر أفراد للعمل بها ، حيث أن زينل كان يتميز عن باقي التجار في هذا الوقت بأن الموظفين الذين يعملون لديه من الإنجليز .
وعلى الرغم من أن الرسائل التي كانت تأتي على الكوبانية في معظم الأحيان تخص المنافسين ، إلا أنه على الرغم من ذلك كأم يتحرى الدقة والأمانة وحفظ أسرار العملاء .
التجارة في اللؤلؤ :
وكان العهد العثماني الذي عايشه زينل مشهور بتجارة اللؤلؤ ، فكان ينتظر مواسم صيد اللؤلؤ ومن ثم يشتريه من التجار ، ويبدأ في تصنيعه عن طريق صقله ونظمه في عقود وأساور وحلقان ومن ثم بيعها في عواصم العالم ، وهو ما جعله يلقب بملك اللؤلؤ .
عندما ظهر اللؤلؤ الصناعي خسر محمد علي زينل 90% من تجارته ، مما عرضه لخسارة كبيرة ، وكان على وشك إشهار إفلاسه ولكنه رفض هذا ، وقرر أن يسدد ديونه على دفعات صغيرة للبنك ، بالرغم من هذه المشكلات إلا أنه استمر في إرسال الطلاب إلى الهند للتعلم .
مدارس الفلاح :
من أهم المشروعات التي قام بها زينل في حياته مشروع مدارس الفلاح ، والتي تأسست فيي جدة وتعد نواة التعليم في المملكة كلها ، والتي كانت مجانية تمامًا وبدأت بفرع واحد في جدة ومن ثم فرع في مكة وبعدها توسعت لتشمل فروعًا في البحرين والهند ودبي وحضرموت .
كان شريكه في هذا المشروع العظيم عبد الرؤوف جمجوم ، والذي تكلف أيضًا مصاريف مدارس الفلاح ، حتى على حساب مصاريف أسرته ، وحين انهارت تجارة اللؤلؤ سافر إلى الهند ، حتى يعمل ويرسل مصروفات لمدارس الفلاح .
اشترى زينل مبنى لمدرسة الفلاح رغم صعوبة وضعه المادي ، وكانت أسرته كلها تدعمه ، فحين عرفت زوجته قامت ببيع كل مجوهراتها حتى تساعده على شراء مبنى للمدرسة ، وبعد تحسن أوضاعه المادية افتتح فروعًا في البحرين وبومباي .
الوفاة :
توفي زينل في الهند في بومباي عام 1389هـ ، وكان حينها في التسعين من عمره ، بعد أن أنجب ثلاثة فتيات هن حفصة وآمنة ومريم ، بعد أن رباهم على العلم وحفظ القرآن ، حين توفي دفن بأرض المملكة لأن هذه كانت وصيته .