تعتبر مدينة الإحساء من أعرق وأجمل مدن المملكة ، حيث إنها تتمتع بطبيعة خلابة ، ومكانة تاريخية مميزة ، وإذا ذكرنا مدينة الإحساء في أي محفل ، لابد وأن نذكر السيد إبراهيم بن محمد بن حسن (الوزير) بن حسين بن سالم الحسيني آل هاشم ، والذي كان له دور كبيراً لن ينسى في تاريخ مدينة الإحساء حتى الآن .
المولد :
ولد بالجبيل في الإحساء عام 1250هـ ، لعائلة أصيلة وسلالة عريقة ، فهو حفيد لسلطان الجبيلي أمير قرية الجبيل والقرى المحيطة بها ، وجده السيد حسن الحسيني كان وزيراً للشيخ محمد بن عرعر بن دجين بن سعدون حاكم الإحساء ، أما آل هاشم ، فهي عائلة حسينية هاشمية ، أصلهم من المدينة المنورة ، وهاجروا إلى الإحساء واستقروا هناك .
إنجازاته :
كان السيد إبراهيم ، يتسم بصفات مميزة وخلق حميدة ، فكان محبوب ، يتعامل مع جميع الفئات بلباقة وفطنة ، حتى إنه كان واحداً من الوفد الذي ذهب للسلطان العثماني للمطالبة ، بحل مشاكل مدينة الإحساء ، من تطوير وتشييد للمدارس وحل لمشاكل الري والزراعة والمياه بها ، حتى إنه تابع جميع التطورات حتى دخول الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ إلى مدينة الإحساء بعد خروج العثمانيين ، وكان واحداً من المجموعة الموكلة لمتابعة الإنشاءات آنذاك .
دوره في الحرب :
بعد تدهور الوضع الأمني للدولة العثمانية وضعف جيشها ، انتشر الفساد ، وكثرت أعمال الشغب والعنف في المنطقة ، فشهد أهالي الإحساء عدة حروب ، أهمها حرب الوزية ، التي شارك بها أهالي المنطقة ، حتى أطلق عليها المواجهة الكبرى ، فكان للسيد إبراهيم دوراً فعّال ، حيث كان في مقدمة الذين راسلهم الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ والذي كان مسيطراً على أغلب المناطق النجدية وقتها ، لإيجاد حلول لإنهاء الحرب وحل المنازعات ، وإعادة الأمن للمنطقة .
موقفه النبيل في الحرب :
وكان السيد إبراهيم يعرف بكرمه وجوده ، فكان أول من استضاف ، وأهل الجبيل ، بعضاً من أهالي منطقة الكلابية الذين فروا من الحرب ، تاركين وراءهم منازلهم ومزارعهم ، وأكرموهم أشد الكرم ، حتى انتهاء الحرب ، فكان يشهد له الجميع بهذا الموقف النبيل .
علاقته بالملك :
ولمّا كان السيد إبراهيم رجل نابهاً ، طيب الحديث ، يتسم برجاحة العقل ، كان الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ يحترمه ويثق به ، فكان يراسله أثناء الحرب لمناقشة الأوضاع معه ، ولإيجاد حلول لإنهاء ذلك الوضع ، فهناك العديد من الخطابات بينهم توضح قرب تلك العلاقة ، من ضمنها خطاب من الملك للسيد إبراهيم ، يطمئن فيه على حالته الصحية بعد أن كان قد أرسل إليه طالباً حضوره ، إلا أن مرض السيد إبراهيم حينها منعه من ذلك ، فأرسل ابنه عبد الله نيابة عنه وأرسل معه فرسين كهدية للملك ، واستمرت الخطابات بينهم حتى بعد انتهاء الحرب واستقرار الوضع في المنطقة .
مشاركته في الخطط العسكرية :
شارك السيد إبراهيم في وضع الخطط العسكرية في الحروب بهذا الوقت ، حيث كان له دوراً بارزاً في إنهاء الحرب من خلال الخطة التي وضعها بمشاركة مجموعة من زعماء الإحساء ، التي كانت تعتمد على تمركز جيش الملك فوق جبل قارة ، حيث أن هذا الجبل يتفرع منه طرق وممرات لا يعرفها سوى أهالي منطقة الإحساء ، وكانت السبب في نجاحهم وإنهاء الحرب .
آخر أيامه :
لم يترك السيد إبراهيم تضحية إلا وبذلها ، حاملاً عبء وطنه فوق كتفيه ، ومضحياً بكل ما يملك في سبيل رفعته ، حتى إنه فقد ابنه الأكبر السيد طاهر ، في تلك الحروب ، توفى السيد إبراهيم ـ رحمه الله ـ في رمضان عام 1342هـ ، تاركاً وراءه تاريخ مشرف ملئ بالفخر ومثال يحتذى به .