كانت ومازالت المرأة السعودية هي رمزًا للإصرار والتحدي ، فهي امرأة لها من الكياسة والفطنة ما يؤهلها ؛ لتصبح من عظماء هذا القرن ، ولا شيء يستطيع الوقوف عقبة في طريقها ؛ مادامت تمشي علي الطريق الصواب .
فالمرأة لم تعد ناجحة فقط في محيط أسرتها ، بل امتدت نجاحاتها لميادين الدراسة والعمل ، ليس العمل التقليدي بل أصعب أنواع العمل ؛ قيادة الطائرات ، إن قصتنا اليوم عن نجاح هنادي هندي أول قائدة طائرة بالمملكة ، حلمت ، واستطاعت أن تلمس الحلم بيديها .
النشأة والميلاد :
ولدت هنادي زكريا هندي ، بحي المسفلة بمكة المكرمة عام 1978م ، وهي الوسطى بين خمسة أخوة ، تلقت تعليمها الأول بمكة المكرمة ، ثم التحقت بجامعة أم القرى لدراسة الأدب الإنجليزي ، فلم يكن الطيران يراودها في ذلك الوقت ؛ بسبب العادات والتقاليد .
ولكنها قبل أن تنهي دراستها بعامين أخبرت والدها عن فكرة الطيران التي لاحت لها ، فشجعها الأب على ذلك ، ولم يثبط عزائمها ، الأمر الذي جعلها تترك جامعة أم القرى ؛ لتذهب إلى المملكة الأردنية ، وتدرس بها الطيران حتى تصبح أول سيدة بالمملكة تمتهن تلك المهنة .
حلم الطيران :
كان هذا الحلم يراود أبيها ، فكثيرًا ما تمنى أن يمتهن أحد أبنائه تلك المهنة ، إلا أن هذا لم يحدث ، ولكن هنادي الفتاة المحبة لأبيها ، ظنت أنها تستطيع أن تلبي له هذا الحلم ، فتركت تعليمها الجامعي لتلتحق بأكاديمية الشرق الأوسط للطيران في عمان بالأردن .
وهناك كبر الحلم وازداد اتساعًا ليملأ عقل وقلب الفتاة ، وفي عام 2004م وقبل تخرجها من الأكاديمية ، تلقت عرض من الأمير الوليد بن طلال للعمل ككابتن لطائرته الخاصة ، والذي كان يساعدها بمنحة قدرها 3000 ريال سعودي لتنهي دراستها بالأردن ، وتصبح أول سيدة سعودية في اسطول المملكة القابضة للطيران .
حلم الشهرة :
لم تكن الشهرة حلم في حياة الكابتن هنادي هندي ، ولكنها لحقت بها ؛ حيث انهالت عليها العروض واللقاءات التليفزيونية والصحفية في كل أنحاء العالم ؛ لأنها أول امرأة سعودية تصبح قائدة بالطيران ، وقد شجعتها هذه الضجة الإعلامية لنيل الرخصة التجارية بعد رخصة الطيران الخاص.
وقد كان حصولها علي رخصة الطيران ، أمرًا أشبه بالمستحيل ، فقد رُفضت أوراقها أكثر من مرة ، ولكن المثابرة والصبر على تحقيق الحلم ، وإرادة الله وتوفيقه كانوا مفتاحًا لكل المغاليق .
واستطاعت أن تحلق بالطائرة من عمان إلى العقبة ؛ لتحصل بعد ذلك على رخصة القيادة السعودية ، وكانت أول رحلة عمل لها برفقة الأمير الوليد بن طلال ، ووالدها ووالدتها التي كانت تخشى الطيران ، ولم يطمئنها شيئا سوى أن ابنتها هي التي كانت تقود .
العقبات التي واجهتها :
للمرأة العربية عادات وتقاليد تغلف عالمها ، ولكنها استطاعت كسر بعضها ، فقد كان التعليم في البداية حكرًا على الذكور ، ولكنها استطاعت أن تتعلم ، بل وتتفوق أيضا لتتقلد أعلى المناصب ، وقد كانت مهنة الطيران من تلك المهن التي تقتصر على الذكور .
إلا انه هنادي هندي استطاعت أن تغير تلك النظرة ، ولكنها تعرضت للمضايقات والاتهامات الكثيرة في بداية رحلتها ؛ فقد اتهمها بعض أفراد العائلة ، بأنها تسيء لصورة المرأة السعودية بخروجها عن المألوف ، وكسر التقاليد .
كما أنها أنفقت الكثير على دراستها ، وتوقفت قليلًا نظرًا لظروفها المادية ، إلا أن الأمير الوليد بن طلال عرض دعمه المادي والمعنوي ، ومنحها وظيفة للعمل لديه بشركة المملكة القابضة .
وقد تعرضت هندي لخطأ طبي فادح كاد يوقف رحلتها ، التي بدأتها بإصرار وعزيمة ؛ ففي عام 2010م فقدت إحدى كلياتها عن طريق الخطأ أثر جراحة أجريت لها في لندن ، ومن ثم خسرت رخصتها الدولية للطيران .
ولكنها طالبت مملكتنا الحبيبة بالوقوف إلى جوارها ، لتجديد حلمها والعودة للعمل خلف مقود الطائرة ، وكالعادة لم يخذلها سمو الأمير الوليد بن طلال ، ففي عام 2012م نشرت تغريده لها تقول فيها أن تستعد لقيادة طائرة ، مرسلة كل الشكر والإعزاز لسمو الأمير.