بعد أن قام المسلمون بفتح الري عام 22هـ الموافق 643م ، بقيادة سويد بن المقرن ، تم فتح قومس بالصلح ، وبعدها عسكر سويد بن مقرن بعد صلح قومس ببسطام ، وبسطام بلدة كبيرة بقومس على جادة الطريق إلى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين ، وكاتب ملك جرجان وهو رزبان صول ، يدعوه إلى الدخول في طاعة المسلمين ، وهددّه بالمسير إليه .

فتح جرجان :
فاستجاب لنداء الصلح ، أقام سويد في جرجان حتى جبى خراجها ، ووضع على مداخلها من يحرسها من أتراك دهستان ، يعد صلح جرجان نقطة تحول في مسار التعامل مع القوى المحلية ، ونظرًا لأهميته نورد نصوصه كما ذكرها الطبري .

نص كتاب الصلح :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب سويد بن مقرن لرزبان صول بن رزبان ، وأهل دهستان ، وسائر أهل جرجان ، إن لكم الذمة ، وعلينا المنعة ، على أن عليكم من الجزاء في كل سنة على قدر طاقتكم ، على كل حالم ، ومن استعنا به منكم فله جزاؤه ، في معونته عوضًا من جزائه ، ولهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم ، ولا يغير شيء من ذلك هو إليهم ما أدوا وأرشدوا ابن السبيل ، ونصحوا وقَرَوا المسلمين ، ولم يبد منهم سلٌ ولا غلٌ ، ومن أقام فيهم فله مثل ما لهم ، ومن خرج فهو آمن حتى يبلغ مأمنه ، وعلى أن من سب مسلمًا بلغ جهده ، ومن ضربه حل دمه ..).

تغيير ملفت في سياسة المسلمين :
نلاحظ في كتاب الصلح هذا ظاهرة ملفتة ، فلأول مرة منذ فتح جرجان ، بدأ المسلمون يستعينون بأصحاب البلاد المفتوحة ، الذين مازالوا على وثنيتهم ، ولعل مرد هذا لسببين وهما كالتالي .

السبب الأول :
والسبب الأول إن حركة الفتوح قد امتدت وتشبعت مع قلة عدد الفاتحين ، أمام كثرة أعدائهم ، لقد كان جيش سويد بن مقرن اثني عشر ألفا منذ خرج بهم من نهاوند ، ففتح همذان والري ، ثم فصل قسمًا من جيشه وأرسله إلى أذربيجان بقيادة سماك بن خرشة ، مددًا لبكير بن عبد الله ، فنقص عدد قواته عما كان عليه بما لا يقل عن ألفين .

ومع ذلك فإنه فتح قومس وجرجان وهو مقدم على فتح المزيد ، مما وراء طبرستان فكان عليه في هذه الحالة أن يستعين بالقوى المحلية ، مادام ذلك ممكنًا مقابل إغراءات مادية ، وهي الإعفاء من الجزية .

السبب الثاني :
والسبب الثاني هو إن تعاون بعض الفرس مع المسلمين من شأنه أن يدمر البنية التحتية للمجتمع الفارسي ، لأنه يقسم الفرس إلى قسمين متناحرين ، وإن إسقاط الجزية عن المتعاملين مع المسلمين من شأنه أن يشجع غيرهم على التهافت على هذا التعاون ، للتخلص من الجزية ، ومن ثم يفتح الباب واسعًا لنشر الإسلام في المجتمع الفارسي في ظروف أكثر ملاءمة .

بند مهم في كتاب الصلح :
يضاف إلى ذلك ، أنه لأول مرة أضيفت إلى عهدة الصلح ، فقرة تتعلق بسبّ المسلم وضربه ، وجزاء ذلك حل دمه ، ويبدو أن سكان هذه المناطق كانوا يشتمون المسلمين بسبب فتحهم لبلادهم ، فلجأ سويد بن المقرن إلى هذا البند الجزائي ، حتى يردعهم .

فتح طبرستان :
بلغت أنباء انتصار المسلمين ودخولهم قومس وجرجان ، مسامع فرخان حاكم خراسان ، وكانت طبرستان داخلة في حكمه ، فآثر السلامة ، وصالح سويدًا بن المقرن .

By Lars