هذه الحرب من أغرب الحروب التي وقعت في أوروبا ، بسبب اندلاعها في غضون الحروب الفرنسية المتتالية على أوروبا ، اندلعت هذه الحرب لأسباب متعددة متداخلة سنذكرها ونسرد قصتها :

الأجواء السياسية التي سبقت الحرب:
وصول نابليون إلى سدة الحكم في فرنسا وبدأ حروبه المتتالية على أوروبا ، بعد وصوله إلى رئاسة الحكومة الفرنسية بعد عام 1799م ، ونصّب نفسه سيدً لأوروبا كلها ؛ لأن فرنسا سيطرت على أجزاء شاسعة من القارة الأوربية .

ومن نتاج ذلك أن ظلت بريطانيا تقاتل فرنسا حروبًا لم تنقطع سوى فترات يسيرة ، وكان يأمل لمدة طويلة في غزو بريطانيا واحتلالها ، ولكن في عام 1805م دمر الأميرال البريطاني الأسطول الفرنسي في معركة حامية ، مما اضطره إلى التخلي عن تسيير جيش عبر القنال الإنجليزي .

ولذلك شرع تدمير التجارة البريطانية وأصدرت بريطانيا ، على إثر ذلك مجموعة من الأوامر في مجلس العموم تفرض حصارًا على الموانئ الفرنسية وأي موانئ في أوروبا ، أو أي مكان آخر تحت السيطرة الفرنسية.

الأسباب التي أدت إلى اندلاع الحرب بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ، وعلاقة ذلك بالحروب الفرنسية:

كان هناك أسباب دعت إلى اشتغال هذه الحرب ، منها ما يخص الجانب الأمريكي ، ومنها ما يخص الجانب البريطاني ، وكذلك الفرنسي ولذلك كانت حربًا متشعبة متداخلة المصالح ، تلك القيود التجارية الناجمة عن الحروب الفرنسية مع بريطانيا ، وإجبار ما يصل إلى 10000 من تجار البحارة الأمريكية للتجنيد في البحرية الملكية ، وإرسال الدعم البريطاني للقبائل الأمريكية لتشجيعهم على قتال المستوطنين الأمريكيين والأوروبيين  المرابطين على الحدود ، والغضب من إهانة الشرف الوطني ، ومن الجانب الأمريكي فإن هناك كثير من الفوائد التي سوف تعود على الولايات المتحدة من توسيع حدودها ، واستمرار تجارتها والتخلص من التدخل البريطاني.

ويذكر أن من أهداف الحرب هو دفاع بريطانيا عن المستعمرات التابعة لهم في أمريكا الشمالية ؛ والتطلع أيضا لإقامة دولة أمريكية محايدة وعازلة في الغرب الأوسط الامريكي ، التي من شأنها أن تعوق التوسع في شمال غرب الولايات المتحدة ، وللحد من التجارة الأمريكية مع الفرنسيين وقائدهم نابليون ، والتي أدت منذ البداية لحصار بريطانيا .

التحركات الحربية :
أولًا الحرب البرية :
شنت القوات الأمريكية حملات ثلاث لانتزاع كندا من أيدي البريطانيين ولكن انتهت الحملات الثلاث بالفشل التام ، بسبب القيادة العسكرية الشابة الضعيفة ، وسوء خطوط الامدادات والاتصالات المتقطعة .

أيضًا كان للجهد الحربي للهنود الحمر دورًا حاسمًا في ترجيح كفة بريطانيا ، وهكذا حققت القوات البريطانية انتصارات حاسمة معظمها بفضل قيادتها العسكرية الرشيدة ممثلة بالجنرال بروك ، ولكن بروك سرعان ما قُتل في آخر هذه المعارك ، وباتت القوات البريطانية تعاني أيضًا من ضعف القيادات كنظيرتها الأميركية تمامًا ، لاسيما أن كبار الجنرالات الجيش البريطاني كانوا يحاربون في القارة الأوروبية ضد فرنسا.

ثانيًا الحرب البحرية:
الحرب في البحيرات التي تفصل بين كندا والولايات المتحدة خاصة بحيرة إري :
توجه الأمريكيون نحو المعارك البحرية حيث استطاعت البحرية الأميركية أن تهزم الأسطول البريطاني الرابض هناك في بحيرة إري ، وهو ما أتاح لها إنشاء خطوط إمداد وضخ مستمر للقوات من البحيرات ، فاضطر البريطانيون للانسحاب نحو الشمال .

وهذا القرار أدى لخلافات بين قائد الهنود الحمر المشاركين في الحرب والقيادة البريطانية ، إذ أصر الأول على الصمود ومواجهة القوات الأميركية ، بينما رفض البريطانيون هذا الطرح من الأساس ، وتركوه ليواجه مصيره وحده .

وبالنتيجة قُتل القائد الهندي الأحمر وتفتت وحدة تحالفه القتالي ، وخسر البريطانيون حليفًا قويًا كان قادرًا على إدارة اتجاه الحرب لصالحهم ، ومع هذا فشلت القوات الأميركية تباعًا في الاستيلاء على مدينتي مونتريال وكيبيك الكنديتين ، بسبب ضعفها وانقسامها ، ولكن في المقابل ، لم تكن بريطانيا قادرة على التدخل بثقلها الحربي لحسم هذه الحرب ، بسبب انشغالها بالجبهة الأوروبية ، وهذا ما وفر للأميركيين فرصة تجهيز جيشهم بصورة أفضل تحت قيادات شابة .

الحملات البريطانية في الحرب الأمريكية بعد انتهاء حربها مع الفرنسيين:
الحرب في قلب أمريكا:
نقلت بريطانيا الحرب من البحار وكندا إلى قلب العاصمة ، وشنت حملة عسكرية قوية في الجزء الشرقي الأمريكي استطاعت من خلاله احتلال العاصمة ، وأحرقتها تمامًا وعندها اضطرت الحكومة الأميركية للانسحاب .

وهكذا بدأت الولايات المتحدة تواجه تعقيدات كثيرة ، وهي انحسار قوتها العسكرية وتمركزها في الشمال مع انهيار العاصمة ، والحالة الاقتصادية المتردية لوجود البحرية البريطانية قبالة السواحل الأميركية الشرقية ومحاصرتها للبلاد ، ومع ظهور توجهات في بعض الولايات الأمريكية ، والتي كانت ضد الحرب تطالب بالانسحاب من الاتحاد الأميركي.

معارك فاصلة في هذه الحرب :
الحرب الأولى : بعدما استطاعت البحرية الأميركية الرابضة في خليج بلاتسبورغ في بحيرة شامبلان ، صد الهجوم البريطاني وكان هذا حائلًا دون غزو الولايات المتحدة من الشرق.

والحرب الثانية : صمود حصن ماكهنري البحري أمام الهجمات البريطانية المتتالية ، فأوقف أي تقدم بريطاني ودفع البريطانيين للانسحاب من هذه المنطقة بحريًا ، وأنهى إمكانية التموين والإمدادات لقواتهم تمامًا .

استمرار حملات الجانب الأمريكي:
وتزامن مع ذلك تحرك سريع من قبل الولايات المتحدة لتعزيز وجودها العسكري لمواجهة القوات البريطانية ، بما جعل في استطاعتها أن توقف أي تقدم بريطاني نحو الغرب ، وكانت آخر المحاولات البريطانية الجادة محاولة غزو الجنوب الأميركي من نيو أورليانز ، عندما بعثت بحملة قوامها أكثر من خمسة آلاف جندي ، ولكن واشنطن أرسلت على الفور قائدًا شرسًا هو الجنرال آندرو جاكسون ، والذي أفلح بتنظيم الصفوف وحشد الجيش اللازم من الميليشيات المختلفة من الهنود والعبيد والمواطنين ، واستطاع صد المحاولة البريطانية لعبور نهر الميسيسيبي ، وألحق هزيمة ساحقة بالبريطانيين.

نهاية الحرب:
مع نهايات الحرب بدأت محادثات السلام بين الأطراف المتصارعة في بلجيكا الحديثة ، وقدمت الولايات المتحدة مطالبها لإنهاء الإكراه في التجنيد ، في حين وعدت بريطانيا بترك الحدود الكندية دون تغيير ، والتخلي عن الجهود لإقامة الدولة الهندية في شمال غرب البلاد ، وفي 24 ديسمبر 1814م ، وقع المفوضون معاهدة غنت.

By Lars