لاشك أننا جميعًا قد سمعنا وقرآنا ، بل وشاهدنا أفلامًا عدة تناولت قصة شعب الهنود الحمر ، ولكن من المثير دائمًا أننا شاهدنا بالأفلام الأمريكية عنهم ، بأنهم كانوا قومًا أشرار ، وكانوا يتعاملون بوحشية مع الوافدين الأمريكيين ، ولكن ما هي الحقيقة ؟ .

البداية :
وصل الهنود الحمر قبل وصول بعثة كريستوفر كولومبوس ، بأعوام طويلة ، حيث عبروا المضيق الواقع بين شمال غرب أمريكا الشمالية ، وشمال شرق قارة آسيا ، وأقاموا بها وعمّروها ؛ حيث تعلموا الزراعة ، واهتموا بالحضارة الروحية ، وكرّموا المرأة ، وعندما وصل إليهم كريستوفر كولومبوس في رحلته الشهيرة ، ظن أنه قد وصل إلى الأراضي الهندية ؛ نظرًا للون بشرتهم الأحمر المميز ، ولكنه فوجئ بوجوده على أراضٍ جديدة .

جاء كولومبوس محمّلاً بأفكار الحروب ، وممتلئًا بأفكار السيطرة والاستيلاء والقيادة ، بالإضافة لوجود شعب منقطع عن العالم ، وبعيدًا عن تلك الأفكار ومسالم جدًا ، بالطبع كانت فكرة الاستيلاء على تلك الأراض محفزة للغاية وقوية ، خاصة أن المستعمر الأوربي ليس لديه أية أفكار عن السلام ، أو التعايش مع الآخر ، فالقاعدة الأساسية لديه ، هي أنا فقط غير.

حرب الإبادة ..
شرع الزائر العدو مباشر في عملية إبادة جماعية للسكان الأصليين ، بدون أية رقابة أو مراعاة للحرمة ، فقتلوا النساء والأطفال ، والشباب  ، ودمروا الأخضر واليابس ، وسمموا الآبار ، وذبحوا الماشية ، فما كان من قادة القبائل الهندية إلا أنهم طلبوا السلام ، مع المحتل القادم .

رغم أنهم لا يملكون ما يدافعون به عن أنفسهم وذويهم ، إلا أنه ما كان لديهم بد غير ذلك ، ولكن أبى المعتدي إلا أن يتعامل بالطرق الملتوية ، فقبل القادة المعتدون السلام مع الهنود الحمر ، ولكن كانت تحركهم المكائد ، فأقنعوهم بأنهم سوف يمدونهم بأغطية لحمايتهم ، كرمز لقبولهم المعاهدة السلمية .

إلا أنهم أعدوا لحرب جديدة بيولوجية ، للقضاء على الهنود الحمر تمامًا ، فجلبوا لهم أغطية من مصحات الأوبئة الأوروبية ، وكلها محملة بالعديد من الأمراض الوبائية المستعصية ، مثل ؛ الطاعون ، والدفتيريا ، والجدري ، من أجل حصدهم بأعداد مهولة في وقت قصير .

بالفعل أدت تلك الطرق الوحشية لإبادة ثمانون بالمائة ، من الهنود الحمر السكان الأصليون لأمريكا ، ولكن لم تتوقف الجرائم الوحشية بحقهم لهذا الحد فقط ، فعرض القادة العسكريون على أفراد الجيش ، مكافآت مالية في مقابل عدد الرؤوس التي يحضرونها من الهنود الحمر .

وكانت رأس الرجل تساوي مائة جنيه استرليني ، في حين بلغت قيمة رأس المرأة أو الطفل خمسون جنيهًا استرلينيًا ، الأمر الذي حوّل العسكريون إلى وحوش متحركة ، فقطعوا الرؤوس وأسالوا المزيد من الدماء .

ثم تطوّر الأمر بمضاعفة المكفآت المالية في مقابل سلخ الهنود ، فكان يتم سلخ فروات الرؤوس في مشاهد وحفلات كبرى ، يحضرها علية القوم والزعماء ، وأشهر أبطال أمريكا الآن هم من قتلوا العديد من الهنود وسلخوهم بوحشية وقسوة ، أحدهم يُدعى لويس وتزل الذي بلغ عدد ضحاياه ، ألفًا ومائتين من الهنود شهريًا .

في حين أن آندرو جاكسون ؛ والذي تظهر صورته على ورقة الدولار ، من فئة العشرين ، قد قام بسلخ فروة ستة عشر رجلاً من الهنود ، بل وقد طالب بأن تتم عملية السلخ ، بشكلٍ بطيء حتى يستمتع الحضور بالعرض .

مائة وخمسون عامًا من القتل الوحشي ، والهمجي ، والتهجير القسري ، للهنود الحمر من أراضيهم على يد المحتل الإنجليزي ، بل لوثوا لهم المياه والطعام ، حتى لا يستطيعوا الإنجاب مرة أخرى ، فلا يكن لهم أجيالاً جديدة تسترد الحقوق المنهوبة.

أسطورة خاطئة ..
كان الهنود يؤمنون بوجود آلهه مائية ، سوف تأتيهم لتخلصهم ذات يومٍ من العدو المغتصب لأرضهم ، وحين وصل الجنود الأسبان إليهم ، بادر الهنود بتقديم الذهب ، اعتقادًا منهم بأنهم الآلهة المخلصة من العدو ، كما قالت الأسطورة .

ولكن كانت الأسطورة كاذبة ، فلم يقل العدو الأسباني وحشية عن العدو الانجليزي ، فما أن وطأ الأسبان على أرضهم حتى شعروا بمدى ضعف الهنود ، فسخروهم للبناء والتشييد ، بشكلٍ فج ودون مقابل ، وقتلوا الأطفال ، وأطعموهم للكلاب ، وقتلوا أسر كاملة وأغرقوهم بالمياه .

كان هذا جزءً مما تعرّض له الهنود الحمر على يد المحتلين الانجليز ، والأسبان على حد سواء ، ولن نستطيع القول بأن الهنود لم يقاوموا ، ولكن دون تكافؤ ، فلا يوجد سلاح أو طلقات نارية تعيد إليهم حقوقهم.

بقايا الشعب الأحمر ..
وجدير بالذكر ، أن عددًا قليل جدًا ، من الهنود الحمر يعيشون في أمريكا الشمالية حاليًا ، ولكن في محميات مخصصة لهم ، دون توفير أدنى وسائل المعيشة الآدمية ، في مقابل تنازلهم عن قراهم ، ولكن زعيم تلك القبيلة لم يكن يعرف القراءة أو الكتابة ، فقام بالتوقيع على معاهدة مع المحتل الأوربي ، بأن يعيشوا في محميات مخصصة لهم ، في مقابل التنازل عن أرضهم وقراهم التي عاشوا فيها من قبل .

By Lars