اعتنق الصحابي نعيم النحام الدين الإسلامي الحنيف قبل هجرة الحبشة ، ولكنه كان يكتم إسلامه لفترة من الزمن ، وقد قدم مهاجرًا برفقة أربعين من أهله فقبله الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وقد ذُكر أنه قديم الإسلام حيث قيل أنه دخل الإسلام بعد عشرة أشخاص وقبل إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
نسبه وسماته :
هو الصحابي الجليل نعيم بن عبدالله بن أسيد القرشي العدوي ؛ والذي عُرف بالناحم ، وقد حصل على لقب “النحام” لأن الرسول صلّ الله عليه وسلم قد قال :”دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم” ، وقد اشتهر بكرمه وجوده حتى أن قومه منعوه من الهجرة لأنه كان ينفق على الأيتام وأرامل بني عدي ، فقال له قومه : “أقم عندنا على أي دين شئت ، وأقم في ربعك واكفنا ما أنت كافٍ من أمر أراملنا ، فوالله لا يتعرض لك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعًا دونك”.
بعض مواقفه مع النبي :
حينما قدم الصحابي نعيم النحام على رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ قال له الرسول : “قومك يا نعيم كانوا خيرًا لك من قومي لي” ، فقال نعيم : “بل قومك خير يا رسول الله” ، فقال الرسول الكريم :”قومي أخرجوني وأقرك قومك” ، وقد كان أسامة بن زيد متزوج من زينب بنت قسامة ، ولكنه طلقها وهو ابن أربع عشرة سنة ، فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم :”من أدله على الوضيئة الغنين (القليلة الأكل) وأنا صهره”.
وكان رسول الله صلّ الله عليه وسلم في ذلك الوقت ينظر إلى الصحابي نعيم رضي الله عنه ، فقال نعيم : “كأنك تريدني” ، فقال الرسول :”أجل” ، فلم يتأخر نعيم عن طاعة رسول الله حيث تزوج من زينب بنت قسامة بعد انتهاء عدتها ، فأنجب منها إبراهيم بن غنيم ، وكان هذا الموقف دليل على شدة حبه لرسول الله صلّ الله عليه وسلم وفطنته لما يريد أن يتحدث به ، حيث فهمه من مجرد نظرته إليه .
أحد مواقفه مع عمر بن الخطاب :
كان هناك موقف عظيم للصحابي نعيم النحام مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل إسلامه ، حيث أنه كان له الفضل بعد الله تعالى في صرف عمر بن الخطاب عن إيذاء رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، فهو الموقف الذي سيظل التاريخ يذكره في كل زمان ، حيث أن نعيم الذي كتم إسلامه خوفًا من الأذى قد قابل عمر بن الخطاب حينما كان متوشحًا سيفه يريد الرسول الكريم ورهطًا من أصحابه ، فعلم أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا .
حينما التقى نعيم مع عمر بن الخطاب قال له : “أين تريد؟” ، فقال : ” أريد محمدًا هذا الصابئ الذي قد فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها ؛ فأقتله” ، حينها قال له نعيم : “والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر ، أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدًا ، أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم”.
قال عمر بن الخطاب بعد أن سمع هذا الكلام : “وأي أهل بيتي؟” ، فقال نعيم له : “ختنك وابن عمك سعيد بن زيد وأختك فاطمة بن الخطاب ؛ فقد أسلما وتابعا محمدًا على دينه ؛ فعليك بهما” ، فقام عمر بن الخطاب بالتراجع عن موقفه حيث أنه عاد إلى أخته وختنه لينظر أمرهما ، فكان هذا من المواقف التي لا يمكن أن تُنسى للصحابي الجليل نعيم النحام.
وفاته :
لقد اختلفت الآراء في تحديد المكان والزمان لوفاة الصحابي نعيم بن عبدالله النحام ، حيث قال ابن حجر أنه اُستشهد بأجنادين في عهد خلافة عمر ، بينما قال بعض أهل النسب أنه قد توفي يوم مؤتة في حياة الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وقد قال ابن سعد أنه سقط شهيدًا يوم اليرموك .