الإمام البخاري هو واحد من أهم علماء الحديث ، واسمه هو أبو عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الذي وُلد عام 194 هجريًا وهناك اختلاف حول أصله هل هو فارسي أم عربي أم تركي ، كان والده من العلماء المحدثين الذي كان يرحل في طلب الحديث ، وكان الإمام البخاري طالبًا للعلم منذ صغره حيث أخذ في حفظ القرآن الكريم وأمهات الكتب .
حرص الإمام البخاري عند جمع الحديث :
كان أئمة الحديث حريصين للغاية عند جمع الحديث ، فلم يتهاونوا عند جمعه بل كانوا يتخذون أشد أنواع الحذر حتى يتم نقل كلام الحبيب المصطفى بكل دقة دون أي خطأ ، وقد كان الإمام البخاري أحرص أهل العلم وأدقهم في جمع الأحاديث النبوية الشريفة .
قام العلماء بتوثيق “صحيح البخاري” الذي أخرجه البخاري على مر العصور ، كما تمت حوله العديد من الشروح والتصنيفات على مدار ألف عام حتى أصبح صحيح البخاري من أهم المصنفات الموثوق بها عند المسلمين .
ذكر العلماء بعض المواقف التي تدل على دقة البخاري أثناء تحريه وبحثه عن الأحاديث الشريفة ، حيث قيل أنه قد سافر ذات مرة إلى أحد الشيوخ ليأخذ عنه حديث عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وحينما وصل إلى تلك المدينة لم يكن يعرف هذا الشيخ .
قابل البخاري رجلًا في تلك المدينة وعلم أن فرسه قد هربت منه وكان يريد أن يُعيدها إليه ، فقام الرجل برفع ثوبه وكأنه يحمل طعامًا في هذا الثوب من أجل الفرس ، مما جعل فرسه تلحق به حتى تحصل على الطعام ، وحينما وصل إلى البيت قام الرجل بفتح حِجره وأمسك بالفرس ولكنه لم يكن معه أي طعام .
كان الإمام البخاري يراقب هذه الفعلة متعجبًا ، ثم قال للرجل : أريد فلان بن فلان ، فسأله الرجل : وماذا تريد منه ؟ فأجاب البخاري : لا أريد منه شيئًا سوى أني حدثت أنه يروي عن فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلم كذا وكذا ، ثم قال الحديث .
حينها قال الرجل إلى البخاري : أنا فلان الذي تبحث عنه ، وقد حدثني فلان عن فلان عن فلان عن رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلم أنه قال كذا وكذا ، ثم ذكر الحديث الشريف الذي يعرفه .
لم يقبل الإمام البخاري في ذلك الوقت أن يروي عن ذلك الشيخ ، حيث قال : إذا كان الرجل يكذب على بهيمته ، فأخشى أن يكذب على رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلم ، وهكذا بدا حرصه على الدقة في التحري عن الأحاديث الشريفة .
وكان البخاري يتبع منهجًا خاصًا به في تدوين الأحاديث النبوية ، حيث كان يقوم بتدوين حديثين في اليوم الواحد ، وكان يصلي ركعتين من أجل استخارة المولى عز وجل قبل أن يقوم بتدوين أي حديث ، وهو ما جعل صحيحه يستغرق وقتًا زمنيًا طويلًا حيث دام تدوينه به لمدة ستة عشر عامًا .
وتميز الإمام البخاري بحرصه على تدوين الصحيح ، غير أنه لم يقوم بتدوين كل ما صح عنده ، حيث قال رحمة الله عليه : “ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح ، وتركت من الصحيح مخافة الطول” ، وقد سافر البخاري إلى كثير من البلدان والأمصار ليبحث عن رواة الحديث الثقة .
لقد اتخذ البخاري منهجًا صارمًا ليكون في منتهى الدقة أثناء تدوين الأحاديث في صحيحه ، حيث قد أوضح سبب الفكرة في إخراجه لصحيح البخاري ، حيث قال :” كنت عند إسحاق ابن راهويه ، فقال: لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع الجامع الصحيح”.