لقد كانت النساء في عهد الرسول صلّ الله عليه وسلم تمتلكن مكانة عظيمة وأدوارًا غاية في الأهمية داخل المجتمع ، وقد ظهرت أول طبيبة في الإسلام والتي كانت من أوائل النساء اللاتي دخلن الإسلام بالمدينة ، إنها الصحابية الجليبة “رفيدة الأسلمية”.
مولدها واسلامها :
الصحابية رفيدة الأسلمية أو رفيدة بنت سعد التي وُلدت بقبيلة بني الأسلم التابعة لاتحاد قبائل الخزرج بالمدينة المنورة ؛ قد اشتهرت بمساعدتها إلى نساء الأنصار أثناء الاستعداد للترحيب بقدوم رسول الله صلّ الله عليه وسلم إلى المدينة ، وقد كانت معروفة أيضًا بأنها ممرضة حنونة ذات شخصية منظمة ومعطاءة .
وساهمت أيضًا في تدريب غيرها من النساء ومن بينهم زوجات النبي حتى يتمكنّ من العمل بمجال الرعاية الطبية ، ساهمت الصحابية رفيدة أيضًا في حل بعض المشكلات الاجتماعية المرتبطة بالأمراض فعُرفت على أنها أخصائية اجتماعية ناجحة ، كما كانت تساعد الفقراء والمحتاجين وترعى الأيتام والمعاقين .
صلتها بمهنة الطب :
كان والدها هو “سعد الأسلمي” يعمل كطبيبًا ، وقد حصلت رفيدة على تعليمها مهنة الطب من والدها الذي كان بمثابة معلمها الخاص ، فكرست حياتها إلى مهنة التمريض فأصبحت أول طبيبة متخصصة في الإسلام .
كانت رفيدة تمارس مهنتها الطبية داخل المستشفى الميداني ؛ حيث كانت تقام تلك المستشفى داخل خيمتها خلال قيام العديد من الغزوات ، وقد كان الرسول صلّ الله عليه وسلم يأمر بنقل المصابين إلى خيمة رفيدة كي تعالجهم ، وكان معروف عنها أيضًا بمساعدتها للجنود المصابين أثناء عملية الجهاد ؛ حيث كانت توفر لهم المأوى من حرارة الشمس والرياح القاسية بالصحراء .
ريادتها في مجال الطب :
أصبحت رفيدة رائدة في مجال الطب والتمريض ؛ على الرغم من الدور المحدود للمرأة في هذه المهنة آنذاك ، وقد ذكر التاريخ الإسلامي أن رفيدة تميزت بكونها قائدة موهوبة وبارعة ؛ حيث أنها كانت أول امرأة مسلمة تمارس مهنة التمريض في عهد الرسول صلّ الله عليه وسلم ، وبالرغم من وجود بعض الاختلافات المذكورة حول من هي “أول طبيبة وممرضة” ؛ غير أن الشعوب الإسلامية العربية جعلت رفيدة هي صاحبة لقب أول طبيبة وممرضة في الإسلام .
تأسيسها لوحدة العناية المركزة :
كانت رفيدة تستخدم خبرتها الطبية من أجل العمل على تطوير أول وحدة خاصة بالعناية المتنقلة حتى تتناسب مع احتياجات المجتمع الطبية ، وكانت تسعى إلى تنظيم تلك الوحدات من أجل توفير الرعاية الصحية قبل أن يتم أي إجراء جراحي للمصابين والمرضى .
قامت رفيدة بالعمل كقائدة لمجموعة من الممرضات اللاتي تطوعن للعمل معها داخل ساحات المعارك ، وقد ساعدت رفيدة الجرحى في العديد من الغزوات ؛ حيث شاركت في غزوات بدر وأحد وخيبر والخندق وغيرهم ، كما استمرت جهودها أثناء فترات السلم من خلال تقديم المساعدات إلى المحتاجين المسلمين .
ومن مواقفها مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم حينما كان يستعد للزحف إلى غزوة خيبر ؛ ذهبت إليه وهي تقود مجموعة كبيرة من الصحابيات اللاتي تدربن على فنون التمريض على يدها ، ثم استأذنت الرسول بالخروج معه إلى الغزوة من أجل مداواة الجرحى والمصابين المسلمين في ساحة القتال ، ووافق الرسول على ذهابها مع النساء المتدربات إلى الغزوة وبالفعل قدمنّ خدمات عظيمة بتلك الغزوة .
جائزة رفيدة الأسلمية :
قامت الكلية الملكية للجراحين بأيرلندا وجامعة البحرين بتخصيص جائزة عُرفت باسم “جائزة رفيدة الأسلمية” ؛ والتي تُمنح كل عام إلى الطالب المتميز ، ويعمل فريق من كبار الأطباء على تحديد الطالب المتميز الذي يستحق هذه الجائزة ؛ وذلك من خلال تقديمه أفضل رعاية صحية إلى المرضى .