هي علم يرفرف في سبيل الدعوة إلى الله عزوجل وهي الزوجة المسلمة الوفية المجاهدة ،  إنها أم حكيم  بنت الحارث بن هشام وأمها فاطمة بنت الوليد أخت خالد بن الوليد رضي الله عنه ، ولقد تزوجت قبل إسلامها بعكرمة بن أبي جهل الذي كان من أشد الناس كرهًا للرسول صلّ الله عليه وسلم ولدين الله عزوجل ، وقد شارك في القتال ضد الموحدين ، ودفع أيضًا أموالًا كثيرة في سبيل إضعاف المسلمين الموحدين بالله .

وعندما دخل رسول الله صلّ الله عليه وسلم مكة فاتحًا لها ، هرب بعض المشركين وكان من بينهم عكرمة بن أبي جهل ، الذي ركب فرسه وشق طريقه إلى اليمن فقد كان من القوم الذين أعلن رسول الله صلّ الله عليه وسلم إهدار دمهم ، ولقد أسلم والدها الحارث بن هشام  وأسلمت هي من بعده واستشعرت حلاوة الإيمان والتوحيد بالله عزوجل ، وبقلب الزوجة النقية الطاهر تمنت لزوجها هو الأخر أن يسير على درب الهدى ويتذوق حلاوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى .

فقررت أن تذهب لرسول الله صلّ الله عليه وسلم وتطلب منه الأمان لزوجها ، فقال لها رسول الله : هو أمن ففرحت بذلك كثيرًا واتخذت الخطوة الأصعب ، وهي أن تسافر لتنقذ زوجها من ظلمات الكفر في الدنيا وعذاب النار بالآخرة ، فانطلقت أم حكيم خلف زوجها في رحلة صعبة وبحثت عنه في كل مكان ، حتى علمت أنه في طريقه إلى البحر لكي يركب متجهًا إلى اليمن ، فاندفعت مسرعة إلى طريق البحر لعلها تدركه وتنقذه من براثن الكفر .

وبالفعل وصلت أم حكيم في اللحظات الأخيرة حيث كان زوجها عكرمة يركب السفينة ، فنادته وقالت له يا ابن عم لقد جئتك من عند أبر الناس وخير الناس فلا تهلك نفسك ، وقالت له إني قد استأمنت لك رسول الله فقال لها أأنت فعلت ؟ .

فقالت نعم فأمنك رسول الله وبعد نقاش كان كله استعطاف من الزوجة المؤمنة الصابرة قرر أن يعود معها ، وعندما وصل إلى مكة جاء خبره للنبي صلّ الله عليه وسلم ، فأخبر أصحابه قائلّا : يأتيكم عكرمة بن أبي جهل فلا تسبوا أباه ، فإن سب الميت يؤذي الحي ولا يبلغ الميت .

وأقبل عكرمة مع زوجته أم حكيم إلى رسول الله ووقف بين يدي رسول الله وأعلن أسلامه ونطق بشهادة الحق ، وأخبره رسول الله أن يسأله ما يريد ، فقال عكرمة أسالك أن تستغفر لي كل عداوة عاديتها لك ولدين الله ، أو مقام لقيتك فيه أو كلام قلته بوجهك أو غائبًا ، فدعا رسول الله له بدعاءٍ قال فيه : {اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها ، وكل مسير سار فيه يريد بذلك إطفاء نورك ، واغفر له ما نال مني من عرض في وجهي أو وأنا غائب عنه} .

ففرح عكرمة بذلك فرحًا شديدًا وقال : والله يا رسول الله لا ادع نفقة كنت أنفقها في الصد عن دين الله ، إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله ولا قتال كنت أقاتل في صد عن سبيل الله  ، إلا أبليت ضعفه في  سبيل الله عزوجل ، فأسلم عكرمة وحسن إسلامه وشارك في قتال المشركين وأبلى بلاءًا حسنًا وشارك بمعركة أجنادين وقاتل فيها قتالًا شديدًا حتى استشهد بتلك المعركة .

وحزنت أم حكيم حزنًا شديدًا على فراقِ زوجها ، كما لحق به أيضًا بتلك المعركة أخوها وأبوها رحمهما الله ، وقد كانت هي أيضًا تتمنى أن تلحق بهما وتنال الشهادة ، وبعد أن أتمت عدتها تقدم لخطبتها الكثير ين ومنهم خالد بن سعيد بن العاص ، وقد كان خالد مجاهدًا ومرافقًا لرسول الله أينما رحل وكان كاتبًا لرسول الله وهو أول من كتب ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .

فوافقت وعقد عليها خالد في مكان بالقرب من دمشق يسمي مرج الصفر فدخل بها خالد ، ونادي منادي الجهاد وهم في ليلة العرس ، فخرج زوجها للقتال ضد الروم وبرز فارس منهم يريد المبارزة ، فخرج له خالد بن سعيد وقاتل حتى استشهد يوم زفافه ، وكانت العروس أم حكيم تسقي الجنود حينها وتداوي الجرحى فلما شاهدت ما حدث لزوجها ، نزعت عمود الخيمة التي تزوجت بها وضربت الروم بعمود خيمتها ، وقتلت منهم يومها 7 من أعداء الله وأنتصر المسلمون يومها انتصارًا عزيزًا أعز به الله الإسلام والمسلمين .

وسطرت بهذا أم حكيم مثالًا رائعًا للبطولة والكفاح ، وبعد فترة تقدم للزواج منها علمًا من أعلام الإسلام وهو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعاشت معه فترة قصيرة حتى اغتاله المجوسي أبو لؤلؤة وهو يصلي فبكته بكاء شديدًا وحزنت عليه ، إنها أم حكيم علمًا من أعلام الأمة ومثالًا لكل أمرآة مسلمة تحب دينها وتحافظ علي زوجها ، وتصر علي إسلامه رغم كل ما فعله لخدمة أعداء الإسلام ، وبالفعل تنجح في هذا وتقاتل الكفار وتقتل منهم الكثير دون خوفٍ أو تردد رحم الله تلك المرأة المجاهدة .

By Lars