هو الصحابي الجليل بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث أبو عبد الله الأسلمي ، أسلم أثناء هجرة الرسول إلى المدينة ، فحينما كان يقف هو وثمانين من أهله عند كراع الغميم ، وهو موقع ناحية الحجاز بين مكة والمدينة ، مر بهم رسول الله صلّ الله عليه وسلم ودعاهم للإسلام .

فاستجابوا وأعلنوا إسلامهم ثم صلى بهم رسول الله العشاء ، ويومها علمه المصطفى عليه السلام صدرًا من سورة مريم ، وكان بريدة رجلٌ مقدام وشجاع غزا مع الرسول صلّ الله عليه وسلم ستة عشر غزوة ، وكان رضي الله عنه يحب رسول الله حبًا جمًا شأنه في ذلك شأن كل الصحابة .

وعن بريدة بن الحصيب قال : كنت مع علي باليمن فرأيت منه جفوة ، فلما قدمت إلى رسول الله صل الله علية وسلم ذكرت عليًا فتنقصته ، فتغير وجه رسول الله صلّ الله عليه وسلم ثم قال : يا بريدة ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم ؟

فقلت بلى يا رسول الله فقال رسول الله : (مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فِعْلِيٌّ مَوْلاهُ)، ومن مواقفه مع التابعين قال عبد الملك : كنت مع بريدة بن الحصيب فقال لي : يا عبد الملك إن فيك خصالاً وإنك لجدير أن تلي أمر هذه الأمة .

فاحذر الدماء فإني سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول : إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليها ، على محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق ، وهناك بعض الأحاديث النبوية التي رويت عن بريدة .

ومنها ما قاله سليمان بن بريدة عن أبيه : أن ماعز بن مالك جاء إلى النبي صلّ الله عليه وسلم ، فقال يا رسول الله طهرني فقال : (ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه) ، قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال : يا رسول الله طهرني ، فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه) ، قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال : يا رسول الله طهرني ، فقال النبي صلّ الله عليه وسلم : مثل ذلك حتى إذا كانت الرابعة ، قال له رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (فيم أطهرك؟)

فقال من الزنا ، فسأل رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (أبه جنون؟) فأُخبر أنه ليس بمجنون فقال : (أشرب خمرًا ؟) فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر ، قال : فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (أزنيت؟) ، فقال : نعم فأمر به فرجم فكان الناس فيه فرقتين .

قائل يقول: لقد هلك لقد أحاطت به خطيئته ، وقائل يقول: ما توبة أفضل من توبة ماعز ، أنه جاء إلى النبي صلّ الله عليه وسلم فوضع يده في يده ، ثم قال اقتلني بالحجارة ، قال : فلبثوا بذلك يومين أو ثلاثة .

ثم جاء رسول الله صلّ الله عليه وسلم وهم جلوس فسلم ثم جلس فقال : ( استغفروا لماعز بن مالك) ، قال : فقالوا : غفر الله لماعز بن مالك ، قال : فقال رسول الله صلّ الله عليه وسلم : (لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم) ويعد هذا الأحاديث واحدًا من الأحاديث التي رواها بريدة عن رسول الله وتناقلها من سمعوه ، وقد توفي هذا الصحابي الجليل بخراسان ، وهو بسن الثالثة والستين أثناء خلافة يزيد بن معاوية للمسلمين .

By Lars