لقد بشرّ الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأنه سيدخلهم جنات النعيم ؛ وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وكانت الحور العين من أجمل ما بشرّ به الله تعالى عباده المؤمنين ، والحور العين هم نساء أهل الجنة .

وتأتي كلمة حور في اللغة كجمع لكلمة حوراء وهي تعني أن بياض العين لتلك الحوراء شديد البياض والسواد بداخله شديد السواد ، أما كلمة عين فهي جمع لكلمة عيناء والتي تعني واسعة العين ، ويشير المعنى إلى أروع مظاهر الجمال والحُسن في العيون .

ذكر الله تعالى الحور العين في كتابه العزيز ليؤكد على صفاتهن التي لا مثيل لها ؛ حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز (وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) ، ويعني هنا باللؤلؤ المكنون أنه محفوظ ومُصان بعيدًا عن عبث الأيدي ، ولم يتعكر صفاء لونه نتيجة أي مؤثرات خارجية ، كما استفاض المولى عزوجل في وصفهن بالياقوت والمرجان في قوله تعالى {(فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) } والياقوت والمرجان من أنواع الأحجار الكريمة ؛ وهما منظر خلاب جذاب رائع .

وصف الله تعالى الحور العين بأجمل الأوصاف التي لا تتمكن النفس البشرية من تخيلها ؛ وذلك لما تمتلكه من جمال لا يوجد على سطح الكرة الأرضية ، وقد قال الله تعالى عن الحور العين في الحديث القدسي : {إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيَكُونُ عَلَيْهَا سَبْعُونَ حُلَّةً فَيُرَى سَاقُهَا وَمُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ الْحُلَلِ” ، بِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: وَالْمَرْجَانُ وَالْيَاقُوتُ حَجَرٌ فَلَوْ أَدْخَلْتَ خَيْطًا لَرَأَيْتَهُ مِنْ فَوْقِ الْحُلَلِ} .

كما وصفهن رسول الله صلّ الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه البخاري : “لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحا ، ولنصيفها – على رأسها – خير من الدنيا وما فيها ” ، وهنا تُوصف حوراء الجنة على أنها تستطيع أن تنير ما بين السماء والأرض إذا أطلّت بوجهها ؛ وذلك لما وهبها الله سبحانه وتعالى من جمال لا مثيل له في الحياة الدنيا ، كما أن المولى عزوجل قد منحها عطر ذكيًا لا يماثله أي عطر دنيوي ؛ وكل ذلك من أجل أن يجزي عباده الصالحين المؤمنين خير الجزاء .

تقوم الحور العين بالغناء لأزواجهن في جنة النعيم ؛ حيث تتمتعن بأجمل الأصوات التي يستمتع بها أزواجهن ، ويقول في ذلك رسول الله صلّ الله عليه وسلم عن ابن عمر -رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط ، وإن مما يغنين : نحن الخيرات الحسان ، أزواج قوم كرام ، ينظرن بقرة أعيان ، وإن مما يغنين به أيضاً : نحن الخالدات فلا نمتن ، نحن الآمنات فلا نخفن ، نحن المقيمات فلا نظعن .

تشتاق حوراء الجنة إلى زوجها في الدنيا ؛ كما أنها تحزن إذا ألمه سوء ، وذلك ما ذُكر في معجم الطبراني الأوسط عن معاذ -رضي الله عنه- عن رسول الله “صلى الله عليه وسلم” أنه قال: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا ، إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه قاتلك الله ، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا) .

وذلك يؤكد على مدى حنين الحوراء إلى زوجها ؛ وذلك لا ينفي حق الزوجات المؤمنات الصالحات لأنهن سيتملكن أيضًا مكانة عظمى عند أزواجهن في الآخرة ، بالإضافة إلى فوز الزوج بالحور العين ، وذلك لا يسبب أي أذى لزوجته الدنيوية لأن الصفات الناقصة في الدنيا تُمحى وتزول بمجرد دخول جنات الخلد .

وورد أيضًا أن الشهيد يفوز باثنين وسبعين من الحور العين في الجنة ؛ حيث يقول الرسول صلّ الله عليه وسلم (للشهيد عند الله ست خصال ، يغفر له في أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ، ويوضع على رأسه تاج الوقارالياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ، ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين ، ويشفع في سبعين من أقربائه).

تبدو الحور العين من أروع ما سيحصل عليه المؤمن في الجنة التي أعدها الله سبحانه وتعالى لعباده ، وهناك الكثير الذي لا يُعد ولا يُحصى مما سيجازي به المولى عزوجل عباده المؤمنين في الحياة الآخرة .

By Lars