كان الله عز وجل ، ولم يكن معه شيء ، فهو الواحد الأحد سبحانه جل جلاله ، خلق العرش ثم من بعده القلم ليكتب كل ما كان وما سيكون ، ثم خلق الله السماوات والأرض والجبال والبحار ، وزين السموات بالكواكب والنجوم ، وبعد ذلك خلق الجن ؛ فلما عاثوا في الأرض فسادًا ، خلق الله تعالى خلقًا جديدًا ، وهو أدم عليه السلام.
بداية الخلق :
أمر الله سبحانه وتعالى ملكًا من الملائكة ، أن يذهب للأرض ويحضر التراب ، فببلله الله فصار طينًا ، وظل على هذا الحال زمنًا ، ولما زاد تماسكه صار كالفخار الأجوف ، دون أن ينفخ فيه الروح ، وكانت الملائكة تترقبه ، وإبليس يحوم حوله ويتخوف منه ، ويتمنى لو يهلكه .
ثم حانت اللحظة التي نفخ الله تعالى في أدم علية السلام من روحه ، فعطس ، فقالت الملائكة يا أدم قل الحمد لله ، فقال ، فرد عليه الله عز وجل : يرحمك ربك ، وأمره الله أن يلقي بتحية السلام ، على الملائكة لتكون هي تحية أدم وذريته من بعده .
ارتاح الملائكة لوجود الوافد الجديد أدم عليه السلام واستأنسوا به ، وخروا له ساجدين استجابة لأمر الله عزوجل وتكريمًا لروح أدم عليه السلام ، إلا مخلوق واحد ظل قائمًا بكبر وحقد ، إنه إبليس اللعين .
لعنة ابليس :
فسأله الله سبحانه وتعالى يا ابليس لماذا لم تسجد مع الملائكة ؟ ، فقال بكبر شديد أنا مخلوق من نار ؟ ، كيف أسجد لمخلوق من طين ، فطرده الله من جنته التي عاش فيها مكرما لسنوات طويلة مع الملائكة ، ولعنه الله إلى يوم الدين .
لم يطلب ابليس الصفح والمغفرة من ربه حينذاك ، بل طلب منه أن يؤجل عقابه ليوم البعث عند النفخة الثانية ، حتى يأتي بضعفاء الإيمان والمشركين ، وزود الله ابليس بذرية عظيمة ، ووعد ابليس ربه أن يضل المؤمنين ، ولكن من رحمة الله أقسم أنه سيغفر لهم متى تابوا واستغفروه ، وظل ابليس متربصًا للإيقاع بآدم عليه السلام الذي فضله الله عليه .
خلق حواء :
استوحش سيدنا أدم وحدته رغم النعيم الذي عاش فيه ، فقد خلقه الله بشرًا يميل لبني جنسه ، فلما نام وقام من نومته وجد بجواره امرأة ، فقال لها من أنتي قالت له أنا امرأة خلقني الله سبحانه وتعالى ، فسألها ولما خلقك فقالت ، لتسكن إلي ، وسأله الملائكة عن اسمها فقال : حواء لأنها خلقت من شيء حي .
عاش أدم وزوجته حواء منعمين بالجنة لا يطلبون شيئًا إلا ووجدوه أمامهم ، من طعام وشراب وزينة وكل ما تشتهي الأنفس ؛ إلا شيء واحد نهاهم الله تعالى عن القرب منه ، وهو شجرة في الجنة ، ولكن إبليس الشيطان اللعين مكر لهم ، وأوقع بهم .
فقال لهم أنهم إن أكلا من الشجرة التي منعهم الله عنها ، سيصبحان ملكين عظيمين ، وأخذ يقسم لهما بالله أنه صادق في حديثه ، وأنهما سيصيران من الخالدين ، إن استمعوا لقوله ، فصدقوا قسمه ، ونسوا كلام الله ، وبدؤوا يمشيان خلفه ، وإبليس يزين لهم الأمر ، حتى امتدت يد حواء إلى الشجرة لتقطع منها تفاحة الهلاك .
فأكلت منها ، وأكل معها زوجها أدم ، فظهرت عوراتهما لبعضهما ، فاستحى كل منهما من الأخر ، وطفقا يهربان حتى يوارون ما ظهر منهما ، وبكوا نادمين على ما حدث منهم ، وأخذ يطلبون الرحمة والمغفرة من الله عزوجل ، فأخذ يحدث أدم عليه السلام ، ويذكره بتحذيراته من ابليس .
الخروج من الجنة :
فأخرجهم الله من الجنة ثلاثتهم أدم وزوجه حواء ، ومعهما إبليس ، وقال لهم انزلوا بعضكم لبعض عدو ، وسأنزل عليكم الهدى ، فمن اتبع هدايا سأشمله برحمتي ، ومن لم يتبع فهو مطرود منها ، ونزل سيدنا أدم بالهند ، ونزلت حواء بمكة إلى أن تقابلوا وتكاثروا ، وامتدت ذريتهم .
عاش أدم عليه السلام على الأرض مشتاقًا لجنة ربه ، أملا في العودة ، نادمًا على مكان منه ، وأنزل الله عليه جبريل يواسيه ، فطلب من ربه العودة إن تاب ، فوعده الله بذلك ، فهو الوعد الحق ، ولكن بأجل معلوم .
وقد رزق الله أدم بغلامين هما قابيل وأخيه هابيل ، وكان لكل منهما أخت ولدت معه من ، فأراد كل منهما أن يتزوج الفتاة التي نزلت مع قابيل في نفس البطن ، وعرضوا الأمر على أبيهم أدم فقال لهم قربوا قرابينكم لربكم ، ومن قبل قربانه اتخذته زوجا لها .
فكان لقابيل زروع كثيرة وسنابل يانعة ، فأختار أرديء سنبلة وقربها لله ، أما هابيل فكان يربي الأغنام ، فاختار أسمن الشياه وقربها لله ، فقبل الله قربانه لأن الله يقبل قربان المتقين ، فامتلأ قلب قابيل بالحسد ، وامتدت يد الشيطان إليه تحسه على قتل أخيه .
قتل قابيل لهابيل :
فاغتنم فرصة كان فيها يرعي هابيل ، وأخر في الرعية ، فبعثه أدم ليطمئن على أخيه ، ولكن غدر بأخيه وقتله شر قتله بأن حمل صخرة كبيرة شج بها رأسه ، وجلس يبكي نادمًا لا يدري ماذا يفعل بجثة أخيه حتى رأى غراب ، يبحث في الأرض ويخفي شيئًا في باطنها ، فدفن أخيه مثلما فعل الغراب ، وكانت هذه أول ، وأبشع جريمة قتل عرفتها البشرية .
وفاة أدم عليه السلام :
عاش أدم عليه السلام مع ذريته التي تكاثرت في الأرض ، يعلمهم دينهم ويؤدي رسالة ربه ، وأوصى لأبنه شيت من بعده ، أن يكمل ما بدأه من تعمير للأرض ، ويحذره هو وذريته من نسل الشياطين .
أظهر الله تعالى لسيدنا أدم عليه السلام ذريته على كف يده ، فرأي شخص يزيد نورًا فقال من هذا يا الله ، فقال أنه نبي من أخر الزمان يسمى داود ، فقال أدم كم عمره ، فقال الله تعالى ستون عامًا ، فقال أدم عليه السلام زده يا الله ، فقال الله تعالى لا أزيده إلا من عمرك ، فوافق أدام ، وجاءه ملك الموت ليبقبض روحه وهو بعمر 960 عام ، وفقال له إن الله تعالى قالي لي أني سوف أعيش 1000 عام ، فذكره ملك الموت أنه أعطى 40 سنة لنبي في أخر الزمان ، فقال أدم عليه السلام لم أعطيه شيئًا ، فزاد الله تعالى أدم 1000 عام وأتم الله تعالى عمر سيدنا دواد لـ100 عام .
وعاش أدم علية السلام ألف سنه حتى سقط بين يدي الرحمن طريحًا ، وغسلته الملائكة ، وحنطته ، وكفنته ثم دفنته ، وعلمت أبنائه ما يفعلون في سنة الموت من بعده ، فمات أول نبي ، وأول بشري ، وأول خلق الله في أرضه ، مات مشتاقًا إلى الجنة وكل ما فيها من نعم ، رحم الله أبا الخلق أجمعين سيدنا أدم عليه السلام .