ذات يوم ، كان سيد العرب ، الحارث بن عوف ، يتسامر مع صديق له ، يدعى سنان المري ، فسأل الحارث سنان : ” هل ترى أن هناك من يرد خطبتي ؟ ” ، فرد سنان قائلًا : ” أجل ” ، فتعجب الحارث كثيرًا ، واستفسر عمن يمكن أن يرفضه ، فرد سنان : ” إنه أوس بن حارثة الطائي ” ، رد الحارث قائلًا : ” هيا بنا ، فلنتوجه إليه ” .
وعلى الفور نادى الحارث بن عوف على غلامه ، وهموا بالارتحال سويًا ، وساروا في طريقهم ، إلى أن وصلوا إلى منزل أوس بن حارثة ، وطرقوا عليه بابه ، ففتح لهم الباب ، فبدأ أوس ، وقال : ” أهلًا ومرحبًا يا حارث ، فحياه الحارث ، وقال : ” ما الذي جاء بك يا أوس ؟ ” ، فرد عليه قائلًا : ” جئتك خاطبًا “، فما كان من أوس ، إلا أنه رد على الفور ، وقال : ” ليس عندي من أزوجك إياها ” ، وأبدى رفضه من الوهلة الأولى ، كقول قاطع .
غضب الحارث من طريقة رد أوس ، وهم بالنصراف على الفور ، ولم يكلمه كلمة واحدة ، كما غضب أوس أيضًا ، ودخل على زوجته ، وهو متعكر المزاج ، فلما سألته عمن كان معه ، ولم يستغرق وقتًت يذكر ، فأخبرها أوس ، بأنه الحارث بن عوف ، فتعجبت زوجته من أمره ، وسألته قائلة : ” ولماذا يا أوس لم تضيفه ؟ ” ، فرد قائلًا : ” لأنه استحمق ، فقد جاءني خاطبًا “، تعجبت الزوجة لما فعله أوس ، وسألته مستنكرة : ” أما تريد أن تخطب بناتك ؟ ” ، رد قائلًا : ” بالطبع أريد ” ، فتعجبت أكثر ، وقالت : ” فإن لم تزوج إحدى بناتك لسيد العرب جميعًا ، فمن يا ترى المناسب ؟ ” ، رد عليها أوس قالًا : ” لقد رحل ” .
فكرت المرأة في حيلة ، يتمكن من خلالها زوجها أن يعيد سيد العرب ، فقالت له : ” عليك أن تلحق به ، وأن تخبره بأنه لم يتقدم للخطبة ، كما يجب ، وكما عرف عن العرب ، وادعوه ، حتى يأتي مرة أخرى ” ، وبالفعل ، أسرع أوس ، حتى لحق بهم ، وكان الحارث غضبانًا بشده ، فلم يتوقف له ، حتى لحق بهم أوس ، وأخبرهم بما فكر فيه مع زوجته ، ففرح الحارث فرحًا شديدًا ، وعادوا معًا مرة أخرى إلى بيت أوس .
ولما وصلوا إلى المنزل ، دعا ابنته الكبيرة ، وقال لها : ” أي بنيتي ، لقد جاء إليك الحارث ، سيد العرب خاطبًا ، وإني أردت أن تتزوجي منه ، فردت ابنته قائلةً : ” لا يا أبي ، أرجوك لا تفعل ، فإنني في وجهي ردة ، كما في خلقي القليل من العهدة ، كما أني لسة ابنة عمه ، حتى يرعى صلة رحمي ، كما أنني لست جارته ، حتى يستحي مني ، فدعا ابنته الوسطى ، فكان ردها كأختها ، فدعا ابنته الصغرى ، فقالت : ” إنني فتاة وسيمة وجهًا ، أتسم بخلقي الرفيع ، وحسبي ، ونسبي ، أما وإنني لن أخلف الله ، إن طلقني عليه بخير ، فسر أوس ، وبارك لهما ، فكانت بهيسة بنت أوس .
وهي من اتسمت بالفصاحة ، والحسب ، والنسب ، التي أعد لها أبوها أوس بن حارثة الطائي ، بيت الزوجية ، وأبت إلا أن يد كل شيء لها ، كا هو سائد في العرف ، وما يرضي نفسها .