قصة الصبر الطويل بها الف حكمة قصة الصبر الطويل: حكمة قيس بن عاصم أمام أشد المواقف
القصة:
في جو من الصفاء والهدوء، اجتمع رجال قبيلة المنقريين في دار سيدهم الحبيب، قيس بن عاصم. كانت الأحاديث تدور حول الحروب والغارات، وافتخر كل رجل بما حققه. كان قيس يتحدث بفخر عن مكانته ومكانة عشيرته بين القبائل، وقد امتلأ صدره بالكبرياء، حيث شعر بأنه ليس مجرد إنسان يعيش مثل الآخرين، بل ملك في مملكته الخاصة.
وبينما كان المجلس يغوص في أحاديث الفخر والمجد، قُدِّم لرجلين أمام قيس: أحدهما مكتوف اليدين، والآخر جثة هامدة لا تزال دماؤه حارة. أدرك الحاضرون أن هناك كارثة حدثت، وساد الصمت والترقب. كان الرجل المكتوف ابن أخيه، بينما الجثة كانت لابنه، والقاتل هو ابن الأخ.
نظر قيس إلى الأفق بعيدًا عن الحاضرين، محاولًا كبح غضبه الجامح. كانت الحلول القاتمة تتبادر إلى ذهنه؛ الانتقام والدماء كانا يشغلان تفكيره. قلبه خفق بشدة وكاد ينفجر من شدة الغضب، لكنه تمالك نفسه، وأخذ نفسًا عميقًا. شعر المحيطون به بارتياح بعد أن هدأ قيس وبدأ يسيطر على أفكاره.
وجه قيس حديثه إلى ابن أخيه المكتوف قائلاً بحزن: “أنت قتلت ابن عمك بيدك. لقد رميت نفسك بهذا السهم”. لم ينطق ابن أخيه بكلمة واحدة، بل خفض رأسه في خضوع وندم. أمر قيس ابنه الآخر بأن يقوم ويدفن أخاه، ثم أن يحل وثاق ابن عمه.
بعد فترة من التفكير الهادئ، أدرك قيس أن الانتقام والدماء لن يجلبا سوى المزيد من الشقاق والعداوة بين القبائل. وقال: “احمل إلى أمك مائة دية ابنها، فإنها غريبة”. بهذا القرار، نجح قيس في حفظ الدماء وحماية عشيرته من دائرة الانتقام التي لا تنتهي.
الحاضرين انبهروا بحكمة قيس وصبره في هذا الموقف العصيب. كانت تلك الحكمة مثالًا على القوة الحقيقية والتحكم في النفس، حيث اختار قيس مسار الرحمة بدلاً من الدمار.
قصة الصبر الطويل بها الف حكمة