تضم سورة البقرة العديد من القصص ، التي تحمل بين طياتها العديد من العظات ، والعبر ، التي يلزم أن نعلمها لأطفالنا ، وهم صغار ، حتى ينمو على عقيدة متيقنة ، لا يعتريها خلل ، وفيما يلي بيان لبعض العبر ، والقصص التي تحكيها سورة البقرة .
من بين القصص التي ترويها لنا سورة البقرة ، من يدبين سور ، وآيات القرآن الكريم ، فإنه تبدأ قصتنا بأن بعض من الرجال في بني إسرائيل ، لما استيقظوا من نومهم ، وجدوا جثة لرجل قد مات قتيلًا ، وقد عثروا عليه ، وهو ملقي في حي من أحياء بلدهم ، ولم يتمكن أهل القرية من التعرف علي القاتل الحقيقي ، مما جعلهم يلجأون إلي سيدنا موسي ، حتى يقوم هو بسؤال رب العالمين ، ويتم تحديد القاتل ، ليلقى جزاءه .
أسرع أهل الشخص الذي تم قتله ، إلي سيدنا موسي عليه السلام ، وطالبوا موسى بأن يكلم ربه ، وأن يعرف منه سبحانه ، من هو القاتل الحقيقي ؟ وبذلك يتمكنون من كشف السر الخفي ، الذي لم يتمكنوا من الوصول إليه ،وتمنوا أن يكشف لهم الأمر سريعًا ، حتى يتمكنوا من القصاص من القاتل ، وبالفعل ذهب موسى ، وأخذ يناجي ربه ، حتى يتم الكشف عن القاتل الحقيقي ، حتى ينال جزاءه ، ويكون عبرة لغيره .
ومن هنا رجع إليهم سيدنا موسى ، وطلب من أهل القرية أن يذبحوا بقرة ، كما يأمرهم الله تعالى ، مما أثار تعجب الناس جميعهم ، فهم يرغبون في معرفة القاتل ، ما شأن البقرة في ذلك إذًا ؟ ويعكس ذلك الموقف طبيعة أولئك القوم ، الذين كانوا يكثرون في المجادلة مرارًا ،فطلبوا من سيدنا موسى ، أن يسأل الله أن يخصص لهم أوصاف محددة للبقرة ، التي سيذبحونها ، ومن هنا بدأوا بالمماطلة ، فعاقبهم الله بذلك ، وحدد مواصفات محددة للبقرة ، وهي أن تكون البقرة ليست بكبيرة ، أو صغيرة ، وإنما تكون متوسطة في العمر .
بالإضافة إلى أن تكون البقرة ذات لون أصفر ، ويكون منظرها حسن ، تسر جميع من يراها ، ولا بد أن تكون سليمة من الأضرار ، هذا إلى جانب عدم اختلاط لونها بأي لون آخر ، سوى اللون الأصفر ، أخذ القوم يبحثون عن البقرة ، بأوصافها المحددة ، في جميع أرجاء بلادهم ، فلم يجدوا إلا بقرة واحدة ، هي التي تستوفي جميع الشروط ،
وكانت عند شاب بار ، فاشتروها منه فأتوا بها إلى سيدنا موسى ، وذبحوها بالفعل .
وبعد أن تم ذبح البقرة ، أتى سيدنا موسى بأحد الأعضاء المكونة للبقرة ، وضرب به الجثة ، فأحياها الله تعالى ، ونطقت بقاتلها ، ثم عادت إلى الموت مرة أخرى ، ومن هنا تم التعرف على القاتل الحقيقي ، وتم القصاص منه ، ونال جزاء معصيته الفادحة ، ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنه ، لا بد من طاعة الله ، وتنفيذ أوامره ، بلا مماطلة ، وبلا جدال ، حتى لا يقسو الله في معاملته لعباده ، وأن الله لا يخفى عليه شيء أبدًا ، سواء أكانت في الأرض ، أو كانت في السماء .
وهذه كانت من إحدى القصص الممتعة ، والمشوقة ، التي أتت بها آيات سورة البقرة ، من كتاب الله العظيم .