أتى اليوم المنتظر ، وقد ركبت أسرة سمير السيارة ، كان الجميع مسرورًا ، مغتبطًا ، بدأت السيارة في السير ، وعلى بعد أميال قليلة ، سيرون الصحراء برمالها الصفراء ، ومساحاتها الشاهقة ، حيث أنهم كانوا قد أعدوا إلى رحلة جميلة ، وممتعة ، في صحراء مصر ، بين أحضان البادية .

كان الهدف من تلك الرحلة ، أن تعيش الأسرة أجواء مميزة ، تشبه الأجواء ، والحياة ، التي كان يحياها العرب في قديم الزمان ، حيث النوم في خيام ، والاعتماد على الإبل ، سواء أكان في احتساء لبنها ، أو أكل لحومها ، والاعتماد على الأعشاب ، والنباتات المزروعة ، وإعداد أشهى الأكلات ، التي تشوى على الفحم ، والقهوة المثالية ، التي يتم إعدادها على الفحم أيضًا .

نأتي للمناظر الطبيعية الخلابة في الصحراء الواسعة ، فيعلوها السماء الصافية ، التي أبدع الخالق سبحانه وتعالى في صنعها ، مشهد الشروق ، والغروب ، كلها تعود على النفس بالراحة ، والطمأنينة ، فما أجمل صنع الله ، خلق كل شيء بقدر ، فأحسن صنعه ، وجعله في أبهى صورة له .

استقرت الأسرة في مكانها ، الذي نزلت فيه ، وقسموا الأدوار عليهم ، حيث كانت الأم تمضي وقتها ، في إعداد القهوة ، وتحضير الطعام ، بينما كان الأب يقوم بحلب الإبل ، ويجمع الأخشاب ، حتى يشعل النيران ، للتدفئة ، والإنارة ، والأطفال كانوا يلعبون ، ويمرحون ، في مكان خصصه لهم الأب ، والأم معًا ، وكان ملعبًا مرحًا بدرجة كبيرة .

وكان الجد صالح جالسًا في محرابه ، الذي اتسم بكبره ، يتأمل المناظر الطبيعية الأخاذة ، وما صنعه المولى جل علاه فيما حوله من مناظر ، ومخلوقات ، تسر الناظرين إليها ، وأخذ الجد يسبح رب العالمين ، بيقين ثابت ، ومترسخ ، بمدى قدرة الله سبحانه وتعالى ، في جميع ما حوله من مخلوقات .

وبينما يسبح الجد ربه ، أتى الطفل سمير ، وسأل جده قائلًا : ” أعتذر إليك يا جدي على أني أقاطعك ، فقد أذهلتني ، وتعجبت كثيرًا لما تفعله ، وتقوله ، ولا شك في أن وراء ما تفعل ذلك سر ، فهلا سمحت إلي يا جدي ، بأن أشاركك ، وأجلس معك ، لأنصت لما تقول ، وأرى ما تفعل ، وأتعلم منك أشياءًا جديدة ، لم أكن أعرفها ” ، ابتسم الجد ، واحتضن حفيده ، وأجلسه بجانبه ، ثم قال له ، بعدما مسح على رأسه : ” ما أعمل به يا بني ، هو أمر الله ، ليس شيء آخر ” ، زاد تعجب سمير ، وقال له : ” ماذا تقصد بأمر الله يا جدي ، فأنا لم أفهم مقصدك .

قال الجد لحفيده : ” سأوضح إليك يا بني ، لقد أمر الله عباده أن ينظروا ، ويدققوا النظر ، ويتأملوا فيما صنع الله ، حتى يتبين لهم مدى قدرة الله ، وعظمته ، وجلالته ، فتعال ، فلتتأمل معي ، انظر على سبيل المثال إلى الإبل ، فهي خلق عجيب حقًا ، وغريب في تركيبه ، جعل الله فيها الشدة ، والقوة ، ورغم كل ذلك ، فإن من يقودها إنسان ضعيف ، لا يقدر على حمل الأشياء مثلها ، ولا يتمكن من أن يتحمل السير لمسافات طويلة ، كما تتحمل هي ، وفي الأخير تنقاد إليه ، ويكون المنتفع منها هو الإنسان ، فتأمل دائمًا فيما حولك ، واذكر الله ” .

By Lars