قصة سعادة خفية في أحد الأيام، في غرفة بمستشفى كبير، كان هناك رجلان مريضان ينامان على سريرين متجاورين. تقدم بهما العمر وأنهكهما المرض. كان أحدهما في حالة حرجة للغاية، مما أجبره على البقاء مستلقيًا على سريره دون حركة بناءً على تعليمات الأطباء. أما الآخر، فرغم صعوبة حالته، سُمح له بالجلوس لمدة ساعة يوميًا قبل غروب الشمس ليخفف عنه شعور الوحدة والضيق.
نشأت بين الرجلين علاقة صداقة قوية بسبب عزلهما عن العالم الخارجي وغياب الزوار عنهما. كانا يتحدثان لساعات طويلة ويتبادلان الأحاديث التي تخفف عنهما الألم والوحدة. مع مرور الوقت، طلب الرجل القعيد من صديقه الذي يجلس أمام النافذة أن يصف له ما يراه في الخارج. وافق الرجل الآخر بكل سرور، وأصبح يروي لصديقه يوميًا ما يشاهده.
المناظر الساحرة: جمال الطبيعة ينساب إلى القلوب
كان الرجل الجالس يصف المشهد الخارجي بكل تفاصيله. تحدث عن الحديقة الرائعة التي تحيط بالمستشفى، المليئة بالأشجار المثمرة والزهور العطرية ذات الألوان البهيجة. وصف بحيرة كبيرة جميلة تتوسط الحديقة، يسبح فيها البط الملون بأشكاله الرائعة، وكيف يجتمع الأطفال حولها للعب واستئجار المراكب الصغيرة.
هذه الأوصاف كانت تملأ قلب الرجل القعيد بالسعادة وتزرع فيه الأمل. أصبح يتحسن بفضل هذه القصص التي جعلته يشعر وكأنه يعيش وسط هذه المناظر الخلابة. شعر بدافع قوي للشفاء ليتمكن من رؤية ما كان يصفه صديقه.
الوداع المؤلم
استمرت هذه العلاقة الجميلة حتى جاء يوم مؤلم، توفي فيه الرجل الذي كان يجلس عند النافذة. كان خبر وفاته صدمة لصديقه القعيد، فقد فقد ونيسه الذي كان يملأ أيامه بالأمل والسعادة. رغم الحزن، شعر الرجل القعيد بشوق لرؤية المناظر التي طالما وصفها صديقه. قرر أن يتحامل على نفسه، وأن يبذل جهده للوصول إلى النافذة ليرى ما حُرم منه.
المفاجأة: الحقيقة المدهشة
بصعوبة بالغة، تمكن الرجل القعيد من الوصول إلى النافذة. لكنه صُدم عندما وجد أن ما يراه أمامه ليس حديقة خلابة، بل مجرد جدار ومدخل المستشفى. أصابه الذهول وسأل الممرضة: “هل كان صديقي يجلس هنا؟ هل هذه النافذة التي كان يصف لي منها ما يراه؟”
أجابت الممرضة: “نعم، هي ذاتها، لكنه كان كفيفًا لا يستطيع رؤية أي شيء”. وقف الرجل مذهولًا، وأدرك أن صديقه كان يخترع كل هذه القصص الجميلة فقط ليمنحه الأمل والسعادة في أصعب أوقاته. غلبته الدموع وقال: “رحمه الله، لقد كان يسعدني ويرسم لي الحياة بأجمل صورها، رغم أنه لم يكن يرى شيئًا”.
العبرة من القصة قصة سعادة خفية
- السعادة لا تأتي من الخارج فقط: يمكن للإنسان أن يخلق السعادة لغيره من خلال كلماته وأفعاله.
- العطاء دون مقابل: الصديق الكفيف قدم لصديقه القعيد الأمل رغم حالته الصعبة.
- الأمل علاج فعال: الكلمات الإيجابية والأمل قادران على تحسين النفسية وتسريع الشفاء.
- الجمال في النية الصافية: الحب والإيثار يمكن أن يصنعان الفارق في حياة الآخرين.