الأم هي نبع الأمان ، والدفء ، والحنان ، هي من تتحمل مصاعب الحياة ، دون شكوى واضحة ، أو تمرد على حياتها ، ترعى زوجها ، وصغارها ، وتدبر أمور بيتها ، كل هذا رغم ما تقاسيه من عناء ، إلا أنها تكون مغمورة بفيض من السعادة البالغة ، إيذاء قيامها بدورها كأم ، وزوجة ناجحة ، فيما يلي نروي قصة نتعرف من خلالها على مشاعر المرأة الحنونة .
ذات يوم دخل طفل صغير ، فوجد أمه تبكي بكاءًا شديدًا ، فراعه أمرها ، فجاء إليه بود ، وعطف ، وسألها ” أمي الحبيبة ، لماذا أراكِ تبكين ؟ ما الذي يحزنك يا أمي ؟ ” أخذت الأم الحنونة صغيرها ، وضمته إلى صدرها ، ثم هدأت قليلًا ، وأجابته بعد روية : ” أبكي لأنني أمرأة يا بني ” .
تعجب الطفل من إجابة والدته ، ثم استأنف قائلًا : ” أنا لا أفهم ، ماذا تقصدين من قولك يا أماه ؟ ” ، استأنفت الأم ، وعاودت عناقه من جديد ، ثم قالت بحزنٍ ، وأسى : ” ولن تفهم ما أقصده أبدًا يا صغيري ” ، صمت الابن قليلًا ، وأخذ يحتضن أمه ، حزينًا على ما يراه من حالها ، ثم عاد مجددًا ، ليسألها : ” يا أمي ، لماذا أراكِ تبكين بدون أسباب ؟ ” ، هنا تدخل الأب ، وكأنه يقنع نفسه بما قاله الطفل ، قائلًا : ” صحيح يا بني ، فإن جميع النساء يبكين هكذا ، بدون أي سبب ” .
هنا وجد الصغير نفسه في حيرة أكبر ، بعد إجابة الأب ، فهو حتى هذه اللحظة ، لم يجد إجابة تقنعه ، وتجيب عما يستفسر عنه ، فلما لم يجد إجابة تقنعه ، توجه الطفل بكل براءة إلى جده ، وأعاد عليه نفس السؤال ، وقال : ” لماذا تبكي أمي يا جدي ؟ ولماذا تبكي جميع النساء ببساطة ، ومن دون سبب ؟ ” .
أجاب الجد قائلًا : ” يا بني الحبيب ، إن الله سبحانه وتعالى ، قد خلق النساء ، وميزهن بميزة ، تميزهم عن الرجال كثيرًا ، فقد وهب الله المرأة قوة إضافية كي تتحمل عناء ، ومشاق الحياة ، وصعابها ، وقد منحها طيبة ، وحنانًا بمعدلات تفوق الرجل بكثير ، وهذا ما ينعكس علينا نحن معشر الرجال ، حيث تبعث لنا هذه السمات الحميدة ، الراحة ، والحنان ، والأمان ، فقد من الله سبحانه وتعالى على المرأة مشاعرًا فياضة ، وقوة غير مسبوقة ، في تحمل معاناة حياتها اليومية ، ومشاق ، وأوجاع الولادة ، وتحمل مسئولية صغارها ، وزوجها ، دون كلل ، أو ملل ” .
استأنف الجد قائلًا : ” كذلك فقد وهبها الله جل علاه صلابهة ، وصمودًا ، تتمكن هي من خلاله بدورها المميز ، والمثالي ، حتى تتحمل جميع الأعباء ، والمسئوليات ، دون أن تبادر بالشكوى ، أو تستغيث بأحد ، تفعل كل هذا بجب ، وارتياح شديد ، ولا تفكر أبدًا في معاناتها ، قدر ما تفكر في راحة ، وإسعاد غيرها ، وإذا نظرنا إلى قسوة الأم أحيانًا ، نجدها حرصًا ، وخوفًا ، لا أكثر ” .
ثم عاود الجد حديثه ، فقال : ” الأم هي الصمود وقتما يستسلم الجميع ، تتمكن من دورها المنشود في أن تمنح الجميع الأمل ، والصمود ، تستطيع نشر وميض الأمل ، الأم ترعى زوجها ، وتبقى ساهرة لأجله ، تنتظره ، وإن طال غيابه ، تحفظه في غيابه ، وتسر لرؤيته ، الأم نبع الحنان لصغارها ، حتى وإن قابلوا ما تفعله تجاههم بقسوة ، فالله أودعها مشاعر فياضة ، رقيقة ، سامية ، حتى نرتاح نحن ، ونسعد نحن ، ونسمو نحن ” .
” وفي الأخير يا بني ، فقد أعطى الله المرأة قدرة حكيمة على البكاء ، عندما تشعر بحاجة إلى الاهتمام ، والتقدير ، وحتى هذه الصفة في المرأة ، تزيدها جمالًا ، ورقة ، فجمال المرأة يا بني ، في قلبها ، قبل أي شيء آخر ، فلها منا كل تقدير ، وأعانها الله على تحمل ما تعانيه ، والآن بني الغالي ، احرص منذ صغرك ، على تقدير المرأة في المجتمع ، سواء في ذلك أمك ، وأخواتك من الإناث ، وزوجتك فيما بعد ، فالأم جوهرة ثمينة ، رعاها الله ، وأحسن إليها ” .