كانت سيدة تعيش مع زوجها وأولادها حياة رغدة وقد استعانت طوال حياتها الزوجية على تربية أولادها بمربيات عديدة ، وفي يوم جاء مزارع من معارف زوج السيدة يصطحب معه ابنته ذات الأعوام السبعة لكي تعمل عندهم مقابل عشرين جنيهًا في الشهر وترك المزارع طفلته التي كانت تمسك بجلبابه وأنصرف دامع العينين .
كانت الطفلة تستيقظ في الصباح حتى تساعد السيدة في إعداد الطعام لأطفالها الصغار ثم تحمل الحقائب المدرسية وتنزل بها إلى الشارع ثم تعود وتبدأ في ممارسة أعمال البيت من تنظيف ومسح وشراء الخضروات من السوق حتى منتصف الليل وعند أي هفوة أو نسيان أو تأجيل عمل مطلوب منها ينهال عليها زوج السيدة ضربًا بقدميه بقسوة شديدة فتتحمل الضرب باكية وصابرة ورغم ذلك فقد كانت في منتهى الأمانة والنظافة والإخلاص لهم .
مرت السنوات وبدأت السيدة تلاحظ أن الأكواب والأطباق تسقط من يد الفتاة وأنها تتعثر كثيرًا أثناء سيرها ، فعرضتها على الطبيب فأكد لها أن نظرها قد ضعف جدًا ، وأنها لا ترى حاليًا تحت قدميها وأصبحت شبه كفيفة ورغم ذلك لم يرحمها زوج السيدة واستمر الحال هكذا لفترة من الزمن ثم خرجت الفتاة ذات يوم من البيت بعد أن أصبحت كفيفة تقريبًا ولم تعد مرة أخرى .
فلم تهتم السيدة ولا زوجها بالبحث عنها ومضت السنوات وأحيل الزوج للتقاعد وفقد المنصب والنفوذ وتخرج ابنه من الجامعة وعمل وتزوج وسعد الولدان بزواجه واكتملت سعادتها حين عرفا أن زوجة ابنهم حامل وبعد مرور شهور الحمل وضعت زوجة الابن وكان المولود كفيف لا يرى وكانت صدمة قاسية على الجميع وقد عرضوا الطفل على الأطباء ولكن بلا فائدة ولكن الأطباء طمئنوها فحملت وأنجبت طفلة جميلة ترى وتبصر كالأطفال ولكن بعد سبعة شهور لاحظوا عليها أن نظرها مركز في اتجاه واحد لا تحيد عنه فأصيب زوج السيدة بحالة نفسية فسدت معها أيامه وكره كل شيء .
ودخل مصحة نفسية لعلاجه من الاكتئاب وانقبض قلب السيدة وتذكرت فجأة الفتاة التي هربت من جحيمهم كفيفة وتساءلت هل هذا عقاب رب العالمين لهم على ما فعلوه بتلك الفتاة وبعد بحث طويل علمت السيدة أن الفتاة تعمل خادمة بأحد المساجد فذهبت إليها وأحضرتها لتعيش معها ما بقي لها من أيام وعادت الفتاة مع السيدة تتحسس الطريق واستقرت الفتاة مع السيدة وأصبحت ترعاها هي وحفيديها الكفيفين وأصبح أملها أن يغفر الله لها ما كان مع دعائها الدائم لله أن يعفو عنها لمن انعدمت الرحمة في قلوبهم إن الله حي لا ينام فلا تقسو على أحد فسوف يأتي يوميًا تندمون على ما فعلتموه في قوتكم .