تمتلك المرأة العربية طاقات جبارة وقدرات خلاقة تساعدها على الوصول لغاياتها والنجاح رغم كل الصعاب ، فهي امرأة لا تعرف المستحيل رغم كثير من الضوابط والظروف التي قد ترغمها عليها الحياة أو طبيعة المجتمع ، ولكنها غالبًا لا تستسلم فكم من قصة نجاح بطلتها امرأة عربية ، وتلك القصة لفتاة كافحت من أجل نيل حقها في التعليم ، فعلى مدى سنوات متقطعة بعادتها عن الدراسة إلا أنها لم تفقد الأمل يومًا واحدًا ، بل على العكس صبرت وحاربت وقاومت حتى نالت ما تريد .

ولدت فاطمة بين سبعة إخوة أربعة فتيات منهن لم بكملن تعليمهن وتزوجن قبل الوصول للثانوية ، بينما تعلم الثلاثة ذكور وحاولت فاطمة ألا ترضى بنصيب أخواتها الفتيات ، فلم تكن قد اكتفت بهذا القدر اليسير من التعليم ، ولكن أخواتها الذكور رفضوا ذلك وحالوا بينها وبين حلمها ، فلجأت فاطمة الفتاة الطموحة لشيخ القبيلة كي يقنع إخوتها بإتمام المرحلة الثانوية ، وبعد محاولات كثيرة وافقوا .

وبعد أن أتمت الثانوية كان لديها حلم دخول الجامعة فطلبت من الشيخ مرة أخرى التدخل ، ولكن في السنة الثانية لها تزوجت فاطمة من عريسٍ تقدم لها ، ولكنه هو أيضًا لم يكن داعمًا لها ورفض إكمالها سنوات الجامعة ، رغم إلحاحها الشديدة ومحاولاتها المستميتة فقد وعد أسرتها قبل الزواج أن يتركها تستكمل دراستها ، ولكنه حنث بوعده .

وانقطعت فاطمة عن الدراسة طيلة أربع سنوات انصياعًا لرغبة زوجها الذي وجب عليها طاعته ، فقد كان زوجها مثل أخيها الأكبر يرى أن المرأة إن تعلمت ستغتر بنفسها ، لهذا كان يتعمد إبقائها بعيدًا عن نور العلم ، وهي لم تجد من ذلك مخرجًا فاستسلمت لقدرها ، حتى وقعت مشادة بين أهلها وأهله ذات يوم ، فطلقها دون ذنب تنفيذًا لرغبة أهله ولم يشفع وجود طفليهما الصغير لبقاء هذه العلاقة .

فلما عادت فاطمة لبيت أهلها حاولت التأقلم مع وضعها الجديد كمطلقة ، وكي تخرج من دائرة الحزن حاولت العودة للجامعة ، ولكن أخيها الأكبر رفض بشدة لكونها مطلقة فزاد عليها التضييق والمنع ، وظلت فاطمة لمدة ست سنوات كاملة بعيدة عن الجامعة ، ورغم ذلك لم يخفت الأمل في قلبها وبمرور الوقت تعرض أخيها الأكبر لمشاكل كبيرة بحياته الخاصة ، فتغيرت نظرته للأمور ووافق أخيرًا على عودتها للجامعة .

وبعد عامين من الدراسة تقدمت فاطمة للالتحاق بالماجستير ، وهنا ظهر زوجها من جديد وحاول إرجاعها فوافقت ولكن بعقد ومهر جديد ، وكعادته لم يتغير حارب طموحها ومنعها من نيل الماجستير ، ورغم بكاءها إلا أنه لم يستجيب ، فصبرت وقالت ربما يتغير كأخي ، ولكن بعد أقل من سنتين طلقها مرة أخرى لأسباب تافهة .

ولكن تلك المرة لم تستسلم فاطمة للحزن ، وعلمت أن الطلاق هو الباب الذي فتحه الله لها كي تكمل ما حلمت به طيلة عمرها ، وبعد فترة أصيب طليقها بمرض شديد لهذا منحها حق حضانة الطفلين ، وكان بدفع لها نفقة يسيرة لكنها دبرت نفسها وعاشت بها واستطاعت أن تنتهي من دراسة الماجستير .

والآن هي تحضر للدكتوراه بعد أن اختاروها من بين 7000 متقدم لتكون في أعلى المناصب القضائية بدولتها ، وصار الجميع يفتخر بها بمن فيهم إخوتها الذكور الذين حاربوها من قبل ، فهي بنظرهم كانت امرأة لا تعرف المستحيل ، أثبتت جدارتها وأحقيتها بنيل العلم ، ونجحت فيما لم يستطيعوا هم تحقيقه ، وهكذا أثبتت فاطمة مقولة : “آلا بالصبر تبلغ ما تريد وبالتقوى يلين لك الحديد” .

By Lars