لم يكن بوسع الأهل معرفة السبب وراء هروب ابنتهم التي لم تتجاوز الثانية عشر من عمرها ، حيث أن الابنة الصغيرة التي تُدعى نورة المغربي قد هربت أكثر من مرة ، ولكن أهلها كانوا يصلون إليها في النهاية ، غير أنهم وقفوا حائرين أمام هروب نورة غير المبرر ، وخاصةً أن حياة أسرتها هادئة على الرغم ما يشوبها من بعض الفقر الذي قد يكون سببًا في تمرد نورة .
نورة مع أسرتها :
تعيش أسرة نورة في المملكة حياة صعبة بعض الشيء من ناحية الأوضاع المادية ، حيث أن نورة هي الابنة الصغرى من بين خمسة إخوة ، ولكنهم يعيشون جميعًا في ترابط وحب في كنف الوالدين ، كما أن هناك شقيقة لنورة مريضة ويضطر والدها أن يتردد بابنته المريضة على المستشفيات بين الحين والآخر .
وعلى الرغم من كل ما تعانيه الأسرة من ضيق ذات اليد ومرض واحدة من أفرادها ، إلا أنه لا توجد مشاكل أسرية ، بل إن الأب يجمع أولاده على الحب ويربيهم على الحنان ، وتبدو نورة التلميذة بالصف السادس الابتدائي طفلة مرحة وتحب الحياة والضحك والاندماج مع الآخرين .
هروب نورة :
لجأت نورة إلى الهروب من أهلها وحياتها ثلاث مرات ، وقد نفذّت إحداها بعد خروجها من المدرسة بمساعدة بعض زميلات المدرسة ، وأثناء هروبها في المرة الثانية تم تحويلها إلى دار خاصة برعاية الفتيات لمدة يومين في منطقة مكة ، وفي كل مرة كانت تعود نورة إلى أهلها بعد رحلة بحث وعناء .
وجاء هروبها الأخير من المنزل بعد أن التقطت الصور مع أبيها ، ليبدو الأمر طبيعيًا جدًا ولكن بعد أن ذهب والدها ليأخذ قسطًا من الراحة ؛ أخبرت نورة أمها أنها ستنزل الشارع لتشتري شيئًا من دكان البقالة أسفل المنزل ، وبالفعل خرجت نورة ولكنها لم تعد ، وهو ما أثار القلق داخل أمها التي سرعان ما ذهبت إلى والدها وأيقظته لتخبره بالصدمة الجديدة .
أسرع الأب للبحث عن ابنته والتي وجدها بالفعل مثلما يحدث كل مرة ، ولكنه لا يعرف كيف يتعامل معها وخاصةً أنه لا يلجأ إلى العنف كي لا تتفاقم المشكلة ، حيث أنه لم يجعلها تبتعد عن مدرستها ولم يلجأ إلى تحويلها من مدرستها إلى مدرسة أخرى كي لا تتأثر نفسيًا ، بالإضافة إلى أن عملية التحويل بين المدارس الحكومية تبدو صعبة جدًا .
مغامرات نورة :
عادت نورة إلى أحضان أهلها للمرة الثالثة ، ولكن بعد أن نالت شهرة كبيرة في الأوساط المحيطة التي تحدثت عن تلك الفتاة كثيرة الهرب ، فلجأ بعض مسئولي أحد الهيئات بسؤال نورة عن سبب هروبها بهذا الشكل المريب ، فتحدثت نورة عن تلك التجربة مؤكدة أنها كانت ترغب في الاستمتاع بوقتها خارج حدود المنزل .
شعرت نورة بمدى الخطأ الذي ارتكبته ثلاث مرات حينما وجدت مدى القلق والألم الذي يشعر به أفراد أسرتها ، وهو ما جعلها تندم على ما قامت به مؤكدة أنها لن تفعل ذلك مرةً أخرى ، كما أنها نصحت كل الفتيات بألا تفعلن مثلما فعلت ، وألا تخرجن إلا برفقة الأهل فقط .
قامت إحدى طبيبات الطب النفسي بمساعدة أسرة نورة لتخطي تلك المرحلة القاسية ، والتي أكدت أن نورة ذات شخصية اندفاعية لا تفكر في الشيء إذا كان إيجابيًا أو سلبيًا إلا بعد أن تقوم بفعل الشيء وخوض التجربة ، وأكدت الطبيبة أنه من الضروري تكاتف الأسرة والمدرسة وجميع الوسائل المحيطة من أجل الوصول إلى الحل الأمثل لمثل تلك المشاكل .