قصة صادقون في زمن القبض على الجمر رغم تغير الزمن وما طرأ على القيم من ضعف في الالتزام بها، يبقى الصدق والأمانة نورًا يضيء طريق من يسير عليهما. وفي عالم يعج بالتحديات، يظهر من بيننا أناس صادقون يحملون قيم الإسلام الراسخة، ومنهم أبو محمود، الرجل الذي جسّد أسمى معاني الأمانة.
رجل بسيط بقلب كبير قصة صادقون في زمن القبض على الجمر
أبو محمود، تاجر بسيط وأب لثلاثة أبناء، عُرف بصدقه وأمانته بين أهله ومعارفه. لم يكن من الأثرياء، لكنه كان يملك قلبًا مفعمًا بالإيمان، يُقيم الصلاة ويُخرج الزكاة ولا يتوانى عن مساعدة المحتاجين، مقتديًا بقول الله تعالى: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا” (سورة النساء، الآية 58).
الخطأ غير المقصود
في يوم عادي، خرج أبو محمود مع أسرته للتسوق من أحد المراكز التجارية لتأمين حاجيات المنزل. بعد الانتهاء من التسوق، دفع ثمن المشتريات، واستلم الإيصال، ثم عاد إلى منزله ليكمل يومه بين العبادة وجلسات العائلة الدافئة.
في صباح اليوم التالي، بينما كان يراجع فواتيره اليومية على مكتبه، لاحظ شيئًا غريبًا في إيصال مركز التسوق. لم يجد بعض المنتجات التي اشتراها مسجّلة في الفاتورة، ومنها ثلاث دجاجات كان قد وضعها في العربة. أدرك حينها أن المحاسب قد نسي إدراجها في الحساب.
غصة الأمانة
شعر أبو محمود بغصة في قلبه وهو يتساءل: “كيف لي أن أُطعم عائلتي طعامًا لم أدفع ثمنه؟”. لم يحتمل فكرة أن يدخل بيته مالٌ أو طعام مشبوه، مهما كان المبلغ صغيرًا.
تملّكته رغبة مُلحة في تصحيح الخطأ وإعادة الحق لأصحابه، حتى لو كان ذلك على حساب وقته وأرباحه. قرر إغلاق متجره فورًا والتوجه إلى مركز التسوق ليصحح الخطأ.
إعادة الحق
عندما وصل أبو محمود إلى مركز التسوق، توجّه مباشرةً إلى المحاسب وأخبره بالخطأ في الفاتورة. راجع المحاسب الإيصال وتأكد من صحة كلامه. كان الموقف نادرًا ومُفاجئًا للمحاسب، الذي اعتاد أن يواجه شكاوى العملاء، لا أمانتهم.
قام المحاسب بإبلاغ إدارة المركز بالواقعة. وكم كانت إدارة المركز سعيدة عندما علمت بوجود شخص بهذه الأمانة، فأبدى المدير إعجابه الشديد بأخلاق أبو محمود، وقدم له شكرًا خاصًا، وأهداه مجموعة من الألعاب لأطفاله كنوع من التقدير لموقفه النبيل.
التجارة مع الله قصة صادقون في زمن القبض على الجمر
عاد أبو محمود إلى متجره بعد أن اطمأن إلى أنه أدى الأمانة إلى أصحابها. لم يشغل باله المال الذي قد يخسره بسبب إغلاق متجره لبضع ساعات، لأن يقينه بالله كان أكبر. كان يقول: “تجارتي مع الله أربح وأعظم، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
العبرة من قصة صادقون في زمن القبض على الجمر
قصة أبو محمود ليست مجرد حكاية عابرة، بل درسٌ عظيم في التمسك بالقيم والأخلاق، حتى في أبسط الأمور. الأمانة ليست خيارًا بل واجبًا دينيًا وأخلاقيًا، وفعل الخير دائمًا يعود بالنفع على صاحبه، في الدنيا والآخرة.
فأمثال أبو محمود هم من يثبتون أن الدنيا ما زالت بخير، وأن الصادقين هم شموعٌ تضيء الطريق للآخرين، مهما اشتدت الظلمات.