هي قصة الحب الأبدي الذي لا يموت مهما ابتعدت المسافات ، هي قصة العفة وحب الله والأهل أكثر من الذات ، قصة كل من ترك شيئًا لله فعوضه خيرًا منه ، هي قصة غرام الفتاة التي ترعرت في أسرة ملتزمة ، ونشأت على حب الله وحب نبيه .

كانت غرام فتاة مهذبة عاشت طفولتها كأي طفلة في المملكة بين اللعب والدراسة والمسجد ، وكانت فتاة دمثة الخلق يشهد لها الجميع بالصلاح والجمال ، عندما وصلت غرام لسن المراهقة لم يخفق قلبها لأحد كبعض صويحباتها ، ولم تسمح لشاب بالاقتراب منها .

وكانت غرام تشغل وقت فراغها بالحديث مع بعض زميلاتها عبر الانترنت ، وتصفح مواقع العجائب والغرائب التي كانت مولعة بها ، وذات يوم بينما كانت غرام تحادث صديقتها ريم عرضت عليها أن تعرفها على صديقة أخرى لها ، فوافقت غرام التي كانت تقدر الصداقة وتعشق الاجتماعيات .

وبعد أن تعرفت غرام على صديقة ريم وجدتها قريبة من فكرها ، وارتاح لها قلبها فقد كانت فتاة متدينة وملتزمة ، لها روح مرحة وعقل راجح فأحبتها غرام وصارت لها أكثر من أخت ، حتى أنها كانت تطلعها على أسرارها وكل ما يفرحها أو يؤرق حياتها .

حتى جاء يوم وقالت لها صديقتها سأطلعكِ على سر ، ولكن عديني ألا تغضبي أو تبتعدي فقالت لها غرام : أنتِ أختي ولا يمكن أن أغضب منك مهما حدث ، هنا قالت صديقتها : حسنًا أنا لست فتاة كما تظنين أنا شاب في العشرين من عمري ، ولم أقصد أبدًا أن أخدعك فقد وجدتك فتاة مهذبة ومتدينة وذات عقل ناضج لهذا أحببتك حبًا جمًا وأردت مصارحتك به .

هنا صعقت غرام أيعقل أن تكون الفتاة التي أحبتها واعتبرتها صديقتها الوحيدة القريبة لقلبها رجلًا ! لم تدري غرام ماذا تقول ولكن قلبها تعلق بهذا الشاب فقررت أن تحادثه كأخ لها دون أن تخبره بمكنون قلبها ، وبمرور الوقت كانت غرام تزداد تعلقًا به حتى جاء اليوم الذي مرضت فيه وابتعدت عن الانترنت لمدة أسبوع .

ولما استعادت عافيتها هرعت على جهاز الكمبيوتر الخاص بها ، وفتحت صندوق رسائلها فوجدت منه عشرات الرسائل منه يسأل عنها ويطمئن عليها ، فتركت له رسالة تخبرها أنها كانت مريضة لا تقوى على الجلوس على الانترنت ، فكان الشاب حينها متواجد على الإنترنت ففرح كثيرًا بوجودها وسألها فجأة غرام هل تحبيني ؟ فلم تدري بنفسها إلا وهي تقول له نعم أحبك .

قامت غرام كي تنام والأفكار تتلاطم برأسها ، فهي تحبه ولكنها تحب أسرتها ولا تود خيانة ثقتهم فيها ، ولم تنم غرام في تلك الليلة إلا عندما تركت له رسالة في منتصف الليل تقول له فيها : يعلم الله أنني أحببتك ولم أحبك سواك ، ولكني أيضًا أحب الله سبحانه وتعالى وأعلم أن حبنا في الخفاء أمر لا يحلله الله ، لهذا سأبتعد عنك وأنا على يقين أننا سنجتمع إن كان قدرنا اللقاء ، لا تنساني لأني لن أنساك .

بعدها ابتعدت غرام فعلًا عن الانترنت وانغمست في دراستها ، حتى التحقت بالجامعة وهناك درست الهندسة ، وبعد ثلاث سنوات من الدراسة أرسلت الجامعة وفد من طلابها للتدريب بإحدى الشركات ، وكانت غرام واحدة من أعضاء هذا الوفد ، وبعد مغادرة الوفد لقاعة من قاعات الشركة وجد أحد الشباب المسئولين بالشركة دفتر محاضرات خاص بأحد أعضاء الوفد .

فظل محتفظ به حتى يعود صاحبه ويسأل عنه ، ولكن لم يأتي أحد فقرر فتح الدفتر لعله يجد معلومة أو رقم تليفون تشير لصاحبه ، فرأى إيميل بدا لها مألوفًا وحينما قلب صفحات الدفتر وجد اسم غرام ، فأصابه ذهول شديد ، إنها نفس الفتاة التي كان يحادثها على النت ولكنها تركته خوفًا من الله .

في الصباح انتظرها على أحر من الجمر وبالفعل جاءت مع الوفد ، وسألت على دفترها فقدمه لها وهو لا يصدق أنها تقف أمامه ، كانت رائعة الجمال شديدة الحياء ، ظل يحوم حولها حتى قلقت من اهتمامه وحينما غادرت تبعها إلى منزلها ، وهناك سأل عنها جيرانها فأشاد الكل بأخلاقها وأخلاق أسرتها .

وفي اليوم التالي أحضر الشاب أسرته وذهب كي يتقدم لغرام ، فرحبت به أسرة الفتاة كثيرًا ووافقت عليه بعد أن علموا أنه شاب خلوق ذو مركز اجتماعي مرموق ، ولكن غرام أبت دون أن ترى الشاب فقد كان حبها القديم يمنعها ، ولكن الشاب أصر على مقابلتها ولو لدقيقة واحدة ، وحينما اجتمع بها قال لها ألم تعرفيني يا غرام ؟ أنا الشاب الذي تركتيه من أجل الله فجمعه الله بك .

هنا لم تصدق غرام نفسها وشعرت بفرحة عارمة تجتاح قلبها ، وعلى الفور أعلنت موافقتها على الزواج به وبالفعل تمت الخطبة ثم الزواج وعاش الاثنان معًا في سعادة وهناء بعد أن توج الزواج حبهما الأبدي .

By Lars