كانت ابتسامته عنوانًا للحياة ، ولكن سرعان ما تحولت تلك الابتسامة إلى طيف بعيد المنال لم يبق منه سوى الوجع والألم والدموع ، هذا هو كل ما خلفتّه لعبة عقيمة لم تثمر إلا عن الموت بأسوأ الطرق وأبشعها ، حقًا إنها مجرد لعبة ولكنها في الحقيقة ما هي إلا سلاح تستخدمه وسائل التكنولوجيا الحديثة لقتل الشباب والصغار ، كي تقضي على أحلامهم وتترك لأسرهم الوجع والدموع .
لعبة الحوت الأزرق وعبد الرحمن :
هو الطفل عبدالرحمن الأحمري الذي يبلغ من العمر 12 عامًا فقط ، ويدرس في المرحلة المتوسطة في مدينة سلطان في أبها بجنوب غرب المملكة ، كان طفلًا عاديًا يذهب مدرسته ويلعب ويذاكر ويعيش مع عائلته في سلام تام ، وكان كأي طفل يهوى اللعب ومعرفة كل ما هو جديد في عالم الألعاب المليء بالألغاز .
هذه المرة كان الأمر مختلف تمام الاختلاف ، لقد وصل إلى مسامع الطفل قصة لعبة ” الحوت الأزرق” ، إنها لعبة مثيرة من درب الخيال تعطيك مجموعة من الأوامر كي تنفذها لتنتقل إلى مراحل جديدة ، إنها اللعبة التي تلعب على الأوتار النفسية فتدمرها ، وبما أنه طفل صغير فقد لا يفهم ما هو المغزى الحقيقي وراء هذه اللعبة وإن حقّ القول فإنها لعنة وليست لعبة .
حينما علم عبدالرحمن بأمر هذه اللعبة ، رغب في معرفة حقيقتها وكان عنده فضول شديد للتوصل إلى نهاية تلك اللعبة ، ودون أن يشعر أحد من أفراد عائلته ، اقتحم عبد الرحمن أسوار الحوت الأزرق من خلال جهاز الحاسب الآلي الذي تمتلكه الأسرة ، وبالفعل نجح الطفل في تخطي المراحل الأولى من اللعبة .
لم يبدو على عبدالرحمن أي علامات تدل على أنه يمارس لعبة الحوت الأزرق ، بل إنه بدا طبيعيًا جدًا أمام أسرته التي لم تشك في أمره مطلقًا ، كما أنه كان صائم خلال شهر رمضان المبارك مع عائلته ويمارس حياته بشكل طبيعي دون أي خلل في العلاقة مع أسرته .
انتحار عبدالرحمن :
في أحد ليالي شهر رمضان المبارك وبعد أن أفطر عبد الرحمن مع أسرته ، قام بالدخول إلى الغرفة التي يوجد بها جهاز الحاسب الآلي الذي يستخدمه في اللعب لأنه لم يكن يمتلك أي هاتف خاص به ، وكانت الغرفة لا تبتعد عن الصالة إلا أمتار قليلة .
دخل عبدالرحمن إلى عالمه الذي لا يدري به أي شخص ، وكان الأمر الأخير من لعبته المشؤومة يتحدث إليه من خلال بعض الكلمات التي تقول :”إذا أردت أن تنتقل إلى المرحلة التالية ؛ فاربط على عنقك حبلًا حتى ترى السماء زرقاء” ، إنه الأمر الذي سينقله إلى العالم الآخر وهو عالم الموت .
كان عبدالرحمن مطيعًا لأوامر تلك اللعبة التي صبّت لعنتها عليه دون رحمة ، فقام بإحضار حبل الستارة ثم ربطه على عنقه وشدّه بقوة حتى يرى السماء زرقاء ، ولكنه يا للهول لم يعد بوسعه أن يرى إلى الأبد ، حقًا لقد مات عبد الرحمن منتحرًا وهو لازال طفلًا ، فأي لعبة هذه التي تجعل الأطفال ينتحرون ! .
العائلة تبحث عن عبدالرحمن :
كان من المفترض أن تذهب عائلة عبدالرحمن لزيارة بعض الأقارب في تلك الليلة الكئيبة ، فبدأت العائلة في البحث عنه كي يذهب معهم ، ولكنها كانت الفاجعة الكبرى حينما وجدوا عبد الرحمن في غرفة الكمبيوتر مخنوقًا بحبل ستارة وقد فقد حياته وأصبح جثة هامدة .
بلغ الحزن منتهاه لدى الأسرة التي فقدت ابنها في ظروف غامضة ، وحينما استعاد الأب وعيه من هول الصدمة بدأ في البحث عن السبب وراء مقتل فلذة كبده ، وقد صُعق حينما تأكد أنها اللعبة الملعونة المعروفة باسم الحوت الأزرق والتي تقوم بممارسة حرب نفسية على من يلعبها ، حيث أنها تمضي هكذا دون رقابة إلكترونية مشددة ، وهو ما تسبب في العديد من الكوارث مثل كارثة انتحار الطفل عبدالرحمن.