هناك العديد من قصص الحب والوفاء التي ربطت بين بعض البشر والحيوانات ، فكثيرًا ما نسمع عن وفاء الكلب لصاحبه ولا نستغرب حينما نعلم أن أسدًا جائع رفض أكل رجل أحسن إليه أو ضمد جراحه ، وهذا بالضبط ما حدث بين الشمالي وناقته فبعد أن أحسن إليها ماتت كمدًا عليه وحزنًا .
وقعت هذه القصة في قبيلة الدواسر المعروفين بين عبدالله بن مفرح الدوسري الملقب بالشمالي ، وهو رجل كان يحب تربية الإبل وينعم بصحبتها والتردد عليها ، وكان لديه ناقة يمتلكها سماها الهدية كانت له رفقة وسمير ، اعتاد الشمالي أن يرعاها ويطمئن عليها بين الفينة والأخرى ولكنه وقع أسيرًا للفراش بعد إصابته بمرض الجدري الذي أقعده في الفراش لمدة شهرين متتاليين .
خلال تلك الفترة شهرت الهدية بفراق صاحبها ودب الحنين في أوصالها ، فكانت تذهب إلى البيت الذي يرقد فيها وترفع الرواق برأسها كي تطل عليه ، وظلت الهدية على هذا الحال كل يوم إلى أن ساءت حالة الشمالي وقدر الله وفاته ، فلما ذهبت إلى البيت الذي يرقد فيه ورفعت الرواق لم تجده ، فحزنت لذلك حزنًا شديدًا وأخذت تهجرع بالحنين .
وظلت تسري ليلًا تناجي أليفها مما جعل ابنة الشمالي تعقلها حتى لا تسري بعيدًا ، فظلت الناقة قرابة شهر تهجرع بحنينها إلى صاحبها الذي رحل حتى ماتت ولحقت به ، وكان للشمالي جار يدعى حصيبان من قبيلة عنزة ، كان يستيقظ في الليل على صوت هجرعة ناقة الشمالي وذات يوم سمعها فأثارت الأحزان في قلبه وذكرته بجاره الراحل .
فأنشد تلك الأبيات :
مل قلب هيضه حس الهدية
هجرعت بالصوت من عقب الشمالي
يا ذلول القرم حماي الردية
اصبري عقبه على سقم الليالي
ذكرت بالحب من عينه شقيه
ذاكر في نجد خلان وغالي
عقب فقده ما توالف للرعية
تطرده سارة على روس المفالي
عزتي للقرم حطوله بنيه
عزتي للقرم من قبر هيالي
عادته بالكون يثني للردية
ينسم الحفيات وريف للهزالي