في إحدى المؤسسات الكبيرة كان هناك رجلًا نزيهًا اشتهر بقول الحق وفعل الصواب ، فكان دائمًا يقف في وجه الفساد معترضًا وعرضه هذا الأمر لغضب بعض المسئولين الكبار في الشركة ، لأنه لم يكن ينافقهم أو يجامل في عمله ودائمًا ما كان يلقي باللوم على المقصر دون أن يخشى في الحق لومة لائم .
وبسبب نزاهة هذا الموظف وحب الناس له ، لم يستطيع المسئولون طرده بطريقة تعسفية ، حتى لا يتعاطف معه العاملين ويتهمون المسئولون بالتقصير والتعسف معه ، لذا قرر هؤلاء المسئولين أن يقوموا بمضايقته وجعله يمل من العمل ، حتى يطلب هو بنفسه الاستقالة وحينها يظهرون بمظهر من لا ذنب له أمام العاملين ، وكانت خطتهم أن يقوموا بنقله كل بضعة أشهر من قسم إلى أخر بالمؤسسة .
واستمروا معه على هذا النهج لمدة ثلاث سنوات ، والموظف يؤدي عمله بكل تفاني وإخلاص دون كللٍ أو مللٍ ، عاملًا بمقولة : ( يجب أن أقوم بعملي على أكمل وجه في أي مكان أشغله) ، وكانت تلك حرفيًا هي مشكلة هؤلاء المسئولين الفسدة ، فالرجل لم يكن يقصر في أداء واجباته ، ورغم عدم استقراره في قسم معين إلا أنه كان دومًا متقنًا لعمله ومساعدًا لزملائه مما جعل له أصدقاء كثر كلهم محبين وداعمين له .
وفي نهاية العام الثالث بعد أن أتم الرجل عمله في المؤسسة تلقى اتصالًا هاتفيًا من شركة ذات إسم عريق في السوق ، حيث أخبره مندوب الشركة أنهم قد أطلعوا على سيرته الذاتية في واحد من مواقع التوظيف ، وطلب منه التوجه لمقر الشركة في اليوم التالي ، وحينما وصل الموظف إلى هناك وجد بانتظاره وظيفة مرموقة بمبلغ ضعف مرتبه الذي يتقاضاه مرتين ، فتعجب من هذا وسأل عن السبب ؟
فأجابه المسئول هناك قائلًا : لأننا حينما اطلعنا على سيرتك الذاتية وجدنا لديك خبرة كبيرة في أقسام متعددة ، وهذا ما نحتاجه فعليًا في شاغل هذا المنصب ، فسبحان من قلب الأمور لصالحه وجعل محاولة الفسدة لإرهاقه وطرده من الشركة هي السبب في نجاحه وترقيه في مؤسسة أعرق ، لذا علينا أن نتمسك بالصواب مهما حدث ومهما كثر الفساد لأن الله سبحانه وتعالى يجازينا بما عملت أيدينا .