الصحابي الجليل دحية الكلبي اسمه الكامل دحية بن خليفة بن فروة بن فضالة الكلبي ، وكان من قبيلة كلب في شمال الجزيرة العربية ، ولو تتبعنا سيرة الصحابي الجليل لن نجد له مشاهد كثيرة ، ولكنه كان من أهم من أثروا في التاريخ الإسلامي العظيم ، وقد تميز هذا الصحابي بجماله الشديد حتى أنه كان يشبه الرسول عليه الصلاة والسلام ، ويقال أن سيدنا جبريل عليه السلام عندما كان يتشبه في صورة بشر كان يتشبه بالصحابي دحية الكلبي ، حتى أن زوجات النبي عليهم السلام كانوا يسألون النبي عليه الصلاة والسلام ماذا كنت تقول لدحية الكلبي ، فكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم هذا جبريل عليه السلام ، ولأن خلق سيدنا جبريل كان عظيم فقد كان يظهر في صورة بشر وكان يتخذ صورة دحية .
ويروى أنه في يوم غزوة الخندق عندما ارتد الكافرين على أدبارهم خاسرين ، انصرف النبي عليه الصلاة والسلام عائدًا إلى المدينة المنورة فأتاه جبريل عليه السلام وهو على بغلة بيضاء ويرتدي عمامة من استبرق ، فأمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن يسير باتجاه بنو قريظة ، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام إلى الصحابة وقال لهم ” من كان منكم سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة ” ، وقبل أن يصلوا إلى بني قريظة مر النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه وسألهم إذا كان مر بهم أحد فقالوا دحية الكلبي مر على بغلة بيضاء ويرتدي عمامة من استبرق ، فقال لهم النبي إن هذا هو جبريل عليه السلام سبقهم إلى بني قريظة لينزل في قلوبهم الرعب .
وكان هذا الصحابي الجليل يحب الرسول عليه الصلاة والسلام وكان يرسل الهدايا إلى النبي عليه الصلاة والسلام حتى قبل أن يدخل في الإسلام ، وقد أسلم الصحابي الجليل قبل غزوة أحد ولكنه لم يشهدها ، وكانت أول غزواته مع النبي عليه الصلاة والسلام هي غزوة الخندق .
وقد كان الصحابي الجليل يجيد اللغات ، وخاصة لغة الروم لذلك كان الرسول عليه الصلاة والسلام يبعثه للملوك ليطلب منهم الدخول في الإسلام ، وكان من بين هؤلاء الملوك كان هرقل ملك الروم ، وكان هرقل في ذلك الوقت نصراني ، وقد ذهب ليحج في القدس بعد انتصاره على الفرس في معركة نينوي ، فوصل إلى القدس في نفس وقت وصول الصحابي الجليل دحية ، فأعطاه رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قال فيها : ” من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم ، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فعلي كإثم جميع الآريسيين”
عندما انتقل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى ظل في المدينة بجوار سيدنا أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، وشارك رضي الله عنه في معركة اليرموك التي وقعت بين المسلمين والروم في عام 15للهجرة ، وبعد ذلك مثل كثير من الصحابة فقد ترك المدينة وانتقل إلى دمشق وعاش في قرية المزة ، وعاش هناك حتى توفي في خلافة معاوية .