قبل أن يرزقه الله بابنه رضا الذي جاء على ثلاث بنات ، لم يكن الأسطى عيد يحب حاكم البلدة أبدًا ، كانت لدى عيد أسبابه ، فشركة النسيج التي عمل فيها سنين عددًا ، مهددة بالبيع في أية لحظة ، وحتى لو ظل فيها بعد البيع حسب وعود مسئوليها فإن مرتبه منها لم يكفيه .
حياة عيد :
شقته ضيقة جدًا والخروج منها مغامرة بسبب الصرف الصحي الكائن أمام المنزل ، مصاريف الدروس الخصوصية التي جعلته يكره العلم والتعليم ، حتى الفرحة الكروية التي تهون على الناس المعيشة الضنك حرمه الله منها عندما خُلق غير محب لكرة القدم .
إنجاب رضا :
جاء رضا إلى الدنيا ، وكان الغلطة الوحيدة التي فرح بها عيد ، لأنه كان يتمنى أن ينجب ولد يحمل اسمه ويشد من أزره ، الفرحة جعلته يرسل على غير عادته تلغرافًا إلى مسئولي تنظيم الأسرة ، يشكرهم على حبوب منع الحمل الفاسدة ، التي زودوا بها زوجته أتاحت له أخيرًا أن يرزق بولد مبهج محا بعد أيام من ولادته كل أسباب العداوة بين أبيه وبين حاكم البلاد .
مصالحة :
مجيء رضا جعل الأسطى عيد يعتزل صمته السياسي ، ويذهب إلى الخطاط ليكتب له لافتة ضخمة تقول : وأنا وزوجتي والأولاد نحب حاكم البلاد وزوجته وأولاده .. ولم يستطيع عيد أن يعلق اللافتة في بلكونة الشقة لأن البلكونة والعمارة آيلتين للسقوط ، فعلق عيد اللافتة خارج شباك الصالة المطل على المنور ، بتشجيع من زوجته التي نبهته إلى فائدة إضافية للافتة ، قائلة : هكذا لم يتجرأ أحد لرمي مياه الغسيل في المسقط أبدًا .
ضحكة رضا :
عندما ضحك رضا للمرة الأولى ولم يكن أكمل أسبوعه الأول بعد ، كان أبوه يجلس في الصالة يشرب الشاي ، ويتشاجر مع زوجته ، ويقول : ما كنتى أنجبتيه من البداية ، بدلًا من دستة البنات ! ، بينما كانت أم رضا تبكي لسبب آخر ، فقد صارح بطل المسلسل الذي تشاهده عبر التلفاز لبطلة العمل ، بأنه تزوج عليها سرًا ، وبعد لحظات وعندما قطع التلفاز اكمال المسلسل بسبب اذاعة خطبة من خطب الحاكم ، استدار رضا متوقفًا عن الرضاعة ، ونظر إلى التلفاز وضحك ضحكة مجلجلة ، أدخلت البهجة إلى الصالة بعد سنوات الانقطاع .
رضا وحاكم البلاد :
يقسم عيد غير حانث أنه بفضل السيد حاكم البلاد ، لم يشك رضيعه رضا من كل ما يشكو منه الأطفال حديثي الولادة ، من أرق ومزاج متقلب ، وحموضة وانتفاخات معدة وغيرها .. فكان عند مشاهدة رضا لحاكم البلاد وجولاته تجعله يجلجل بالضحك ! وسماعه لصوت الحاكم كان يدفع به سريعًا لنوم هانئ يتمناه أقرانه .
وش السعد :
ضحكات رضا كانت وش السعد على أبيه ، الذي رزقه الله بعلاوة غير متوقعه ، وعلى أمه التي وجدت في منزل أحد لأثرياء عملاً كخادمة مقابل أجرًا يسيرًا ، وكان وش السعد على أخواته البنات فقد توقف والدهم عن تعنيفهم اليومي بسبب انجابه لهن .
جدة رضا :
جدة رضا لامت ابنها مطولاً وهي تشير إلى صورة حاكم البلاد وتقول : أرأيت أنك كنت ظالمًا لهذا الرجل البركة ، طوال هذه السنين ، ربنا فاتح له قلوب الأطفال أحباب الله ، ألم ترى رضا كلما نظر إليه ضحك وكلما سمع صوته نام بهدوء ، دي كرامة .
زوال البهجة :
وكما يقول المثّل : المتعوس متعوس ، ولكن هذه المرة يضاف لها حتى لو أنجب رضا ، زالت البهجة فجأة كما حلت فجأة ، لم يعد رضا يتوقف عن البكاء ، والصراخ والقيء وإلخ .. كلما قربوه من التلفاز أثناء النشرة الاخبارية ، تحول صراخه إلى حالة هستيرية أفقدت الجيران صوابهم ، وأفقدت عيد علاقته الطيبة معهم ، انتهى الأمر بإحراق التلفاز ، بعد نوبة قيء حادة من رضا على عيد .
تتوالى الكوارث :
بعدها بيوم بيعت شركة عيد ، واتضح أن العلاوات ما هي إلا مسكنات لإسكاتهم حتى تفعيل قرار بيع الشركة فقط ، واثنتان من بناته أصيبتا بالحصبة الألمانية ، والثالثة لم تستطب منها بعد ، وفي الأخير وقعت أم رضا في البالوعة المجاورة لقسم الشرطة بعد احتجازها أثناء قيامها بعمل محضر ضد سائق الميكروباص بسبب تعديه عليها باليد .
عيد والطبيب :
بعد مشقة عيد في العثور على طبيب لعرض رضا عليه ، هداه الله إلى طبيب بارع ، طلب من أم رضا أن تتوقف عن إرضاع الصغير ، لأن لبنها فاسد بسبب سوء تغذيتها ، وكتب لرضا لبن صناعي أقل فسادًا .
على ثلاث بنات :
ثم حكى عيد للطبيب قصة رضا وحبه لحاكم البلاد ، وتساءل : لماذا كره رضا الحاكم بعد كل هذه المحبه ، أجابه الطبيب : لا تظلم الحاكم ، لأن رضا منذ ولادته لم تكتحل عيناه برؤية حاكم البلاد ، ولم تشف آذانه بسماع صوته ، لأنه بكل بساطة خلق محرومًا من نعمتي السمع والبصر.