لاشك أن سيدنا عمر بن الخطاب الفاروق رضي الله عنه واحد من أعظم الشخصيات في التاريخ الإسلامي أجمع ، فهو ثاني الخلفاء الراشدين ومن المبشرين بالجنة ، وقد تولى الخلافة بعد وفاة أبو بكر الصديق رضي الله عنه فساهم في حفظ وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية وأيضًا كان له دور في حفظ القرآن الكريم وإدخال التقويم الهجري ، كما أنه أول من حمل لقب أمير المؤمنين ، حيث كان يقال لسيدنا أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله ولكن سيدنا عمر اختار لقب أمير المؤمنين حتى لا يشق على الناس فكانوا يقولون له في البداية يا خليفة خليفة رسول الله .

وقد اتصف سيدنا عمر بالعدل الشديد ولذلك لقب بالفاروق لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وكان له قصة شهيرة مع الهرمزان حاكم الفرس الذي أتى ليتفاوض مع أمير إلى المؤمنين بعد أن هزمهم المسلمون في تستر ، فلما سأل عن بيته وذهب ليه لم يجده ، وقالوا له إنه في المسجد ، فلما ذهب إلى المسجد ليبحث عنه لم يجد فيه أحد ، فسأل بعض الأولاد الذين يلعبون عند المسجد عن أمير المؤمنين ، فقالوا له أنه هو الرجل النائم في المسجد ، فسأل عن حراسه وخدامه ، فأجابه الأطفال أن أمير المؤمنين ليس له حراس ولا ديوان ، فتعجب الهرمزان وهو يرتدي الديباج والحرير بينما أمير الجيوش التي هزمته وانتشرت في الأرض ينام على الأرض وليس عليه سوى برنس بسيط ويرتدي زيًا بسيطًًا مثل باقي الرعية ، وليس له ديوان فاخر مثل الملوك الذين حكموا الأرض من قبله ، فقال الهرمزان إنه ينبغي أن يكون نبيًا ، فقال له الناس إنه يعمل بعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم

حياة الفاروق في الجاهلية :
ولكن البعض قد يتعجب من أن الفاروق رضي الله عنه كان قبل إسلامه من أشد أعداء الإسلام حتى أنه كان يعذب جاريته وأهله ممن اتبعوا دين الإسلام حتى أخته فاطمة وزوجها سعيد بن زيد فقد ضربها عندما علم بإسلامها .

ولد الفاروق في قبيلة بني عدي واسمه عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشية ، وكانت والدته حنتمة بنت هشام ابنة عم أبو جهل وخالد بن الوليد ، وقد ولد سيدنا عمر بعد عام الفيل بحوالي ثلاثة عشرة سنة ، وكانت أسرته فقيرة رقيقة الحال ، وكان والده شديد غليظ معه هو وأخوته.

وكان سيدنا عمر في صغره يخرج ليرعى غنم والدته وخالاته ، ولكنه تعلم القراءة ، وكان فارسًا منذ صغره ، وقد شب سيدنا عمر على عبادة الأصنام مثل معظم أهل قريش ، كما أنه كان يشرب الخمر وقد قال عن نفسه “لقد كنت أشرب الناس بالجاهلية” ، وعندما كبر سيدنا عمر بدأ يشتغل بالتجارة حتى أصبح من أغنياء مكة .

وكان سيدنا عمر يتميز بالشدة قبل إسلامه فلما ظهر الإسلام وانتشر كان من أشد أهل قريش معاداة للمسلمين وكان يعذب عبيده وأقاربه من بني عدي الذين يدخلون في الإسلام ، حتى أنه كان له جارية اعتاد أن يعذبها من أول النهار لأخره حتى يتعب فيقول له ما تركتك إلا لأني قد مللت ، وكان يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام حتى إذا رأى أحدًا يتبعه قام بإرهابه حتى لا يتبع دين الإسلام .

قصة إسلام سيدنا عمر :
ولكن لأن سيدنا عمر كان يتميز بالفطنة ورجاحة العقل حتى أن قريشًا قد اختارته سفيرًا لها ، وقد دعا النبي عليه الصلاة والسلام له فقال ” اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين ” وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقصد عمرو بن هشام الملقب بأبو جهل وعمر بن الخطاب .

وقد أسلم زيد بن الخطاب وفاطمة بنت الخطاب إخوة سيدنا عمر قبله ، وفي يوم من الأيام عندما بدأ الإسلام ينتشر في مكة وبدأ المسلمون يهاجرون من مكة شعر سيدنا عمر بالغضب الشديد لأن أهل مكة قد تفرقوا ، فقرر أن يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ سيفه وأنطلق فقابل الصحابي نعيم بن عبد الله النحام في الطريق وكان قد أسلم سرًا .

فسأل سيدنا عمر عن وجهته ، فلما أخبره أراد أن يبعده عن النبي فقال له أن يهتم بأهله أولًا لأن أخته فاطمة وزوجها ابن عمه قد اتبعا دين محمد ، فغضب غضبًا شديدًا واتجه لمنزل أخته ، وعندما وصل وجد عندهم الصحابي خباب بن الأرت يعلمهم القرآن ، فلما دخل ضرب زوج أخته وصفع وجه أخته حتى سال الدم منه ، وطلب منها أن تعطيه القرآن الموجود بين يديها ، فرفضت حتى يتوظأ ، فذهب وتوضأ وأخذ الرقعة وكان مكتوب فيها سورة طه ، فقرأ رضي الله عنه من أول السورة حتى قول الله تعالى (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) .

فلما قرأ تلك الآيات شرح الله صدره للإسلام وقال لأخته وزوجها دلوني على مكان محمد ، فاصطحبه سيدنا خباب نحو دار الأرقم بن أبي الأرقم وقابل النبي عليه الصلاة والسلام وأعلن إسلامه ففرح المسلمون جميعًا بدخوله إلى الإسلام .

By Lars