وردت قصة الثلاثة الذين أووا إلى الغار في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وذكرها ابن كثير رحمه الله في الجزء الثاني من كتاب البداية والنهاية ، وهي قصة فيها عبرة وعظة كبيرة ، فهي تحكي عن ثلاثة رجال كادوا أن يهلكوا ولكنهم نجوا بفضل أعمالهم الصالحة فأحدهم كان بارًا بوالديه ولم يفضل عليهم أحد حتى أبنائه الصغار ، والثاني قد أدى الأمانة للعامل عنده وكان يستطيع أن ينكر حقه وأما الثالث فكان من السهل عليه أن يرتكب الزنا ولكنه تركه ابتغاء مرضات الله ، وهذا الحديث يتماشى أيضًا مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صنائع المعروف تقي مصارع السوء ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلولا أعمالهم الصالحة لظلوا داخل الغار وماتوا من العطش والجوع .
قصة الثلاثة الذين أووا إلى الغار
يقال أنه في قديم الزمان كان هناك ثلاثة رجال يسيرون فهطل المطر عليهم ، فوجدوا غار أمامهم ، فدخلوه ليحتموا به من المطر ، ولما دخلوا سقطت صخرة من الجبل فسدت باب الغار ولم يستطيعوا الخروج وكانوا على وشك الموت داخل الغار ، فقالوا أنهم إن دعوا الله بصالح أعمالهم قد ينجيهم من هذا الغار.
فقال الأول أنه كان له أبزان كبيران وكانا يحبان حليب الغنم ، فكان يجلب لهما الحليب كل يوم ولا يدع أحد يشرب منه قبلهما من زوجته وأولاده ، وفي يوم عندما جلب الحليب وذهب إليهما وجدهما قد ناما ، وكان أولاده يريدون أن يشربوا الحليب لأنهم جائعون ، فأبى أن يوقظ والديه من نومهما ، وظل واقفًا إلى جواهما وقدح الحليب في يده والأولاد يصرخون حتى استيقظ والديه وشربا أولًا .
ودعا الرجل الله قائلًا ” اللهم إن كنت تعرف أني فعلت هذا ابتغاء مرضاتك ، فأفرج عنا ما نحن فيه ” ، فانفتحت الصخرة قليلًا ولكن ليس لدرجة تجلهم يستطيعون الخروج من الغار .
فقال الرجل الثاني لقد كانت استأجر عمال وقد أعطيتهم جميعًا أجرهم إلا واحد فقد انصرف قبل أن يأخذ أجره فاستثمرت أجره وربحت أموال وأغنام وإبل وأبقار ، وقد أتاني بعد حين وطلب أجره ، فقلت له خذ ما تشاء من بقر وإبل ورقيق ، فقال لي لا تهزأ بي يا عبد الله ، فقلت له لا أهزأ بك ، فدخل وأخذ كل ذلك وما ترك منه شيء .
ودعا الرجل لله قائلًا ” اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء مرضاتك ، فأفرج عنا ما نحن فيه ” ، فانفتح جزء من الصخرة ولكن ليس للدرجة التي تجعلهم يستطيعون الخروج من الغار .
فقال ثالثهم لقد كان لي ابة عم وكانت أحب شخص إلى في الدنيا ، فراودتها عن نفسها ولكنها رفضت ، حتى حلت بها ضائقة فأتت لي فأعطيتها مائة وعشرون دينار ، على أن تخلي بيني وبين نفسها ، فلما اقتربت منها قالت لي اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فتركتها وانصرفت وتركت لها المائة وعشرون دينار .
ثم دعا الله قائلًا “اللهم إن كنت تعرف أني قد فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ، فأفرج عنا ما نحن فيه” فانفتحت الصخرة وخرجوا من الغار .