أحداث فارقة وأيام تمر بلا هدف أو مشاعر بديلة سوى بالحزن والقهر والذنب نعم الذنب على أنك لم تقدم المساعدة لمن احتاجها منك في لحظة ، كانت قد تفرق في حياته كلها ، كانت يمكن أن تبقيه على قيد الحياة ، ولكننا نبرر أفعالنا بأنه لكل أجل كتاب .
وأن الإنسان لابد له من أسباب يقنع نفسه بها بأنه لم يخطئ ، ولكن عماد مدرك أنه قد أخطأ ، نعم هو مخطئ والكوابيس لا تنفك تطارده ، في عالمه المظلم الذي يتأرجح بين مهدئات ، وعقاقير من أجل أن يخلد للنوم بضع ساعات .
عماد شاب ثلاثيني يعمل محاسبًا بأحد البنوك ، ولديه مركز اجتماعي مرموق ، ويتمتع بسمعة طيبة بين زملائه بالعمل ، وهو صديق وفي على حد زعم ، رفيقه منذ الصغر ممدوح ، واللذان طالما اشتركا في العديد من المغامرات والهوايات أيضًا ، فهما عاشقان للتصوير الفوتوغرافي ، ولديهما روح المغامرة ويحبان السفر أيضًا .
في إحدى العطلات الصيفية ، قرر الصديقان المقربان أن يذهبا ، في رحلة تخييم بالجبل ، والاستمتاع بجمال الطبيعة والتقاط بعض الصور المميزة ، وبالفعل تأهب الصديقان من أجل رحلتهما القصيرة ، وانطلقا سويًا .
ذهب الصديقان وخيما في أول ليلة ، وفي اليوم التالي بدآ جولتهما ، كانت المناظر الطبيعية ساحرة وبحق ، وقد انهمك عماد في التقاط الصور ، لصناعة ألبومات جديدة ، فيما انهمك ممدوح في السخرية ومحاولة الاستمتاع بالطبيعة أكثر ، وكان كثيرًا ما يخبر صديقه أن تلك المرة مختلفة ، وهو يشعر أنها سوف تكون رحلة العمر .
كان عماد منهمك بشدة في ضبط زوايا الكاميرا ، من أجل التقاط صورة لجبل قريب منهما ، وفجأة سمع صرخة ممدوح وهو يستغيث به ، طلبًا للنجدة فانزعج ونظر خلفه ، ليجد ممدوح ملقى أرضًا من شدة الضحك ، ويقول له رأيتك منهمك بشدة فأردت أن تنتبه لنفسك قليلاً ، فنظر له عماد بحنق شديد وقال له ، يكفي هذا الهراء فأنا قد تعبت بشدة في ضبط زاوية الكاميرا .
مرت بضع دقائق وفجأة سمع عماد صرخات صديقه ، يستنجد به مرة أخرى ، ولكنه لم يلتفت له ، وقال في نفسه لعله يمزح معي ، إلا أنه عقب مرور وقت قصير ، صمت ممدوح ، صمت الصديق إلى الأبد ، حيث نظر عماد حوله ولم يجد صديقه ، وفجأة انطلق نحو حافة الجبل ليجد صديقه ، ملقى من أعلى الجبل حيث وقفا ، إلى الأسفل وينزف دمًا شديدًا وقد فارقت روحه الحياة .
ظل عماد يعاني طيلة سنوات ، عقب هذا الحادث من تأنيب الضمير ، والحزن الشديد والشعور بالندم وأيضًا بالأنانية ، أنه فضّل الصورة على صديقه ، وكان عماد يهب من نومه فزعًا ولا يستطيع النوم مجددًا ، سوى بعد أن يتناول الحبوب المهدئة وأخرى من أجل تنويمه ، فأية حياة تلك !
عندما رأى زميل عماد في العمل ما حل به عقب وفاة صديقه لوحيد ، اقترح عليه أن يذهبا ، في جولة لنفس المكان مرة أخرى ، فأهم عنصر في القضاء على المخاوف هو مواجهتها بكل شجاعة وحزم ، استمع عماد إلى زميله حازم ، وأدرك أنه محق بالفعل ، لم لا يذهب إلى نفس المكان ، ويعتذر من صديقه ، في تلك الليلة عقب أن حزم عماد أمتعته تأهبًا للعودة إلى حيث سقط صديقه ، ومات في الحال ، رأى عماد طيف يحوم حول فراشه بالمنزل ليلاً ، وكأنه ممدوح قد أتاه !
نهض عماد وظل يفرك عيناه ، نعم هو لقد رآه رأي العين ، فورًا نهض عماد وحمل حقيبته ، وهاتف حازم وطلب منه الذهاب فورًا ، فوافقه زميله ، وعندما ذهبا إلى المكان ، شعر عماد أن ممدوح يقف أمامه ، وقال له لقد تركتني يا صديقي ، فأجابه عماد والله لم أتركك لقد ظننتك تمزح ، وإذا ما تكرر الموقف مرة أخرى لكنت أنقذتك يا صديق عمري وحياتي .
فقفز ممدوح من نفس المكان مرة أخرى ، ليسقط ولكن هذه المرة انطلق عماد محاولاً جذبه إليه ، ولكن فجأة اختفت يد ممدوح عقب أن أمسك بها عماد ، أو هكذا خيل إليه ، وعقب أن نام أخيرًا دون عقاقير ، أتاه ممدوح مبتسمًا وهو يشكره أنه لم يخنه ، والآن يستطيع أن يرقد في هدوء بعد أن اطمئن ، على حب صديقه له .