تسارعت دقات قلبه بشكل ينذر بالخطر ، عرق غزير غطى جبهته ، قشعريرة تسري في جسده ، شعور بالشلل يتخلل أطرافه ، هو لا يدري ماذا تراه أن يفعل الآن ، هل يدلف إلى الداخل وليكن ما يكون ، إما يتخاذل عن واجبه نحو اسرته الصغيرة ، ويترك الوظيفة الوحيدة المتاحة أمامه الآن .
الحياة السابقة وما حدث بعد ذلك :
كنت الحياة تسير على ما يرام ، شقة من غرفتين وصالة ، سيارة شاهين في حالة جيدة ، زوجة جميلة من عائلة محترمة ، وثلاثة أطفال يشعون براءة وذكاء ، إلى أن انتكست حركة السياحة بشكل مفاجئ ، واضطر أن يمكث لشهور عديدة في منزله بلا عمل وبلا مصدر دخل .
مدرس لغة انجليزية :
والآن .. ثقب الأمل الوحيد المتبقي أمامه هو العمل كمدرس لغة انجليزية ، في إحدى المدارس الخاصة ذات السمعة السيئة ، لقد وجد الوظيفة بصعوبة ، فهو لا توجد لديه أي خبرة في التدريس!
مهنة التدريس :
لطالما كره تلك المهنة ، هي مهنة تبعث على مشاعر متناقضة ، الشفقة والاحتقار ، شفقة على حال المدرس ، المادي والمعنوي وما يتعرض إليه من اهنة وضرب من الطلاب ، واحتقار لما يقوم به بعضهم من تحرش جنسي أو اجبار الطلاب على الدروس الخصوصية .
طلاب سيئون السلوك :
وها هو الآن ، عليه أن يدخل الصف لأول مرة ، المفترض أنهم طلاب حريصون على مستقبلهم فهم في المرحلة الثانوية ، ولكن الهرج والمرج وأصوات الصراخ والضحك التي سمعها أثناء توجهه للصف لا تنذر بخير أبدًا ، لابد وأنهم طلاب سيئون السلوك ، إنها طبيعة المرحلة العمرية التي يعيشونها ، لا هم أطفال ولا هم بالغين ، ترى ماذا يحدث ؟
الصف والسخرية :
وأخيرًا ، استجمع رباطة جأشه وكتم أنفاسه وألقى بنفسه إلى داخل الصف ، نظر الطلاب اليه في دهشة واستغراب ، تقدم اليه أحدهم وسأله بلهجة لا تخلو من سخرية : ماذا يا برنس ، هل تبحث عن حد ؟ أجاب : أنا مدرس اللغة الانجليزية الجديد .. قال الطالب : انجليزي ، إذن جيف مي بقشيش .
مرور الأيام واستمرار الوضع :
مرت الأيام بخطى ثقيلة ، سخرية واستهزاء من الطلاب بشكل مستمر ويومي ، كان أكثر ما يحرص عليه هو أن يقتصر الأمر فقط على السخرية ، وألا يصل حد الايذاء البدني .. كثيرًا ما شعر بالأسف والأسى لحاله ، ولكنه كان يعزي نفسه بأنه ليس الوحيد ، كل معلمي ومعلمات المدرسة يتعرضون للإهانات والاستهزاء بشكل مختلف ، إلا مدرس واحد فقط !!
الأستاذ حسن مدرس الزراعة :
الأستاذ حسن مدرس الزراعة ، المدرس الوحيد الذي يمتلك قدر سحرية على ضبط الصف ، الطلاب يجلسون في حصته ، وكأن على رؤوسهم الطير ، سأله أكثر من مرة عن سر تلك المهارة الفريدة في ضبط الصف وكان رده دائمًا : قوة الشخصية يا أستاذ ، لازم تكون شخصيتك قوية مع طلابك .. أم ماذا كنت تفكر يا أستاذ ؟ لم يقتنع أبدًا بتلك الاجابة ، هل كل المعلمين والمعلمات معدومي الشخصية ، والأستاذ حسن هو فقط راسبوتين المدرسة ؟
الكل يستمتع بانصات واهتمام غريبين :
ذات صباح ، مر بجوار أحد الصفوف وكان الأستاذ حسن بداخله ، يتحدث بحماس وانفعال للطلاب والكل يستمتع بإنصات واهتمام غريبين ، حاول أن يسمع ما يقوله الأستاذ حسن ولكن للأسف ، لم يتمكن من ذلك نظر لأن نوافذ الصف الزجاجية والباب كانوا مغلقين الاحكام .
سر الأستاذ حسن :
شعر بفضول شديد لان يعرف ما يحدث داخل الحصة ، انتظر إلى نهاية الحصة والتقى بأحد طلاب الصف الذي تجمعه به علاقة طيبة ، وسأله : انتوا ليه قاعدين ، ساكتين مع الأستاذ حسن مع ان باقي الحصص بتقلبوهاسيرك ؟ .. تلفت الطالب حوله بريبة وحذر ثم قال هامسًا : أقولك يا أستاذ بس توعدني لا تخبر سيرة لأحد ؟ .. أجاب المدرس : سرك في بير ! قال الطالب : الأستاذ حسن كان يشرح لنا اليوم كيفية ممارسة العلاقة الحميمة .