تتم ليلتها مرهقة ، وتبدأ نهارها بإرهاق أكبر ، صراخ أطفالها ومنادتهم لها يحثها على هزم ارهاقها بعزم الأمومة وندائها ، تهيئ وجبة الفطور ، تغير ثياب أطفالها وتنظفهم ليأخذوا مكانهم على طاولة الأكل ، دون أن يكفوا عن منادتهم لها ، وسؤالها نفس السؤال مئات المرات ، كل فاه يكرره بطريقته الخاصة .

مهنة ربة بيت :
يتوجب عليها قتل التعب ، ترتب صبرها ليستوعب فضول أطفالها وشقاوتهم ، تساعدهم بصراخ فاقد الأعصاب للعودة إلى غرفتهم للعب ، لتنظف الفوضى المستلقية بشقاوة على الطاولة والأرض ، تفكر في الوجبة التالية ، التي تأخذ منها حصة الأسد من الوقت والجهد والابتكار ، لتعيد تنظيف المطبخ ، وتلميع أرضية البيت ، وترتيب كل الغرف ، وإزالة الغبار والغسيل ونشره وترتيبه في الدولاب .

انشغال دائم :
كل ذلك ، مع غسل دائم لأواني المطبخ ، تلك اللعينة تتوالد كالأرانب ، لا تنتهي هي وتلميع الأرضية ، حتى بيت الراحة ليس كذلك !! هناك من يدق الباب ، من يرغب في تلك اللحظة بالذات ، بالدخول بإزعاجه ليفسد راحتها ، بل منهم من يتفنن في معاينتها وهو يفسد راحتها ، بالكاد تجد متنفسًا لتعتني بخصلاتها المتشابكة ، التي نسيت فردها منذ حمامها السابق ، تغير ثيابها بسبب الروائح العالقة بها ، وتبللها بالعرق .

طلبات الصغار المستمرة :
تغرق في مقعدها تنشذ الراحة ، لتفسد هدوء جلستها ، طلبات الصغار الوهمية ، أمي أريد الذهاب إلى المرحاض ، أمي عثرت على قشة .. تحتاجين إلى مكبر كي تريها ، أمي أريد أن أشرب الماء ، أمي ضربني ، أمي انتزع مني لعبتي ، أمي أمي أمي .. لدرجة تكره فيها اسم أمي ، وقد تصرخ بدورها لست أمكم! استقلت !

عودة الزوج :
المهم أن تسمع نبض عظامها في سلام يخلو من نداء ، يخلو من صراخ ، وعندما يعود الزوج ، يجدها بالكاد تلتقط أنفاسها ، تقلب القنوات بتعب لتستمتع بترف لا تشاهده إلا هناك ، وإن تذمرت بشكوى يقمعها فورًا : ملعقة وصحن أنهكاك ؟ طيلة اليوم تراقبين الأفلام والمسلسلات ؟ ليختمها بالدخول بحذائه على الأرضية التي كسرت ظهرها وهي تلمعها ، فتصرخ : مهلك ، انزع حذائك وارتدي الشبشب المنزلي .. يحدق إليها شزرًا : وما هي مهمتك ، أليست تنظيف البلاط ؟ ماذا قد تتوقعين من رجل منطقه موبوء بهذه العقلية الدونية ! ماذا ستنتظرين منه ؟ مهما دللك وأكرمك ، لن يرتفع بك خارج حدود البلاط .

حروب تدميرية على مائدة الطعام :
أما على مائدة الطعام ، فالحروب التدميرية من الزوج لا تنتهي : ليس كما تعده أمي ، هذا حلو زيادة ، ذاك مالح ، هذا الجزء من المائة غير ناضج ، حار ، بارد ، ساخن ، لا مذاق له !! يالله ، سأقتله !! هذا ما تقوله الشرقية ، أما في وطني ، فتغمغم وهي تصك أسنانها غيظ : السم الهاري ، ليس بدر هاري .

ولكن القصد السم الزعاف !! قد تزيد بذات الغيظ : تآكل فيه الجغديد !!! لا تسألوني عن الجغديد ، فبدوري لا أعرفه !! لكن المؤكد ، أنه شيء قاتل ! طبعًا تهتف بذلك لنفسها سرًا عندنا على الأقل ، في المشرق لست أدري ! وإلا جعلها تعاين بعين متورمة محتوى مائدتها ، محلقًا في الغرفة ملتصقًا بالجدران !!

البدون :
يحاسبها لأنها تهمله وتهمل نفسها ، يتهمها بالتقصير في واجباتها ، كأن البيت ينظف نفسه ويحارب الفوضى بنفسه ، وعندما تنهك صحتها تنتهي ، يبحث في الغالب عن أخرى ، تجيد الاعتناء بنفسها بدل الاعتناء بالبيت ! ليس الزوج وحده من يبخس ربة البيت حقها ، بل حتى الدولة سابقًا يضعون أمام مهنتها : بدون !!!

الموظفة ربة البيت :
تجمع عدة أدوار ومهام ، وفي الآخر تكافأ بعدم تصنيف أو اعتراف ، أما الموظفة ربة البيت ، فتلك كارثة من نوع آخر ، ركضها المسعور لا يهدأ ، بل منهن من تجد العمل متنفسها بالراحة ، ومنهن من تحمل بعض الأعمال المنزلية إلى المكتب لتمضية وقت الفراغ : كالخياطة ، فرد البازلاء ، تنقية العدس ، وعدة السفوف ، في رمضان .

فالمسكينة لا تكاد تهدأ ، تنام وعقلها مستيقظ ، لا تجد وقتًا للاعتناء بأنوثتها أو الاستماع إلى راحتها ، وإذا صادف وكان زوجها تقليديا متطلبًا ونكديًا ، فسيحيل حياتها إلى جحيم ، بحيث لا يطلق سراحها إلا وقت عملها ، لتعود للأعمال الشاقة المؤبدة ، لتعلن حياتها ذات الوتيرة السريعة ، التي لا تناسب صحتها وجسدها من التحمل ، هذه قصة أخرى سيكون لها نصيب في القادم من الأيام .

تحية وسلام للزوج المتعاون :
سيداتي ، مهنتكن بكل فخر ربات بيت وجيل ، سواء اعترفوا بكم أو جحدوا فضلكن ، فأنتن عماد الرجال والأسرة والمجتمع ، بكم تقوى الهمم ويصمد الوطن ونقف في وجه البدع ، ومحاولة تمزيق تماسك الأسرة بكسركن ، سيدتي ربة البيت ، لا تيأسين ، لا تبتئسين ، ولا تنتظرين اعترافًا من أحد ، مجهداتك من أجل أطفالك وبيتك وزوجك ، وإن كان لا يثمنك جهرا فمؤكد يفعل سرا ، وتأكدي أن الله سبحانه وتعالى يغفر لك نوعًا خاصًا من الذنوب ، بسبب هذا التفاني غير المعترف به بشريًا ، ألف تحية وسلام للزوج المتعاون بحب مع زوجته ، الذي يحمل عنها عناء الجهد والأحمال الثقيلة في عناية ومحبة ، ومهتم بصحة حبيبته وأم أطفاله .

By Lars