قبل أن أعبر الشارع على عجل ككل يوم ، انقطعت أنفاسي وتشتت نبضي ، وهو يطارد خطواتها الرقيقة الواثقة ، رفعت يدي لأحجب أشعة الشمس عن عيوني وعن عدم تصديقي ، علها تكون سرابا كباقي التهيؤات المهلوسة التي زارت فيها ، وحدتي مرات مرات !! لكنها خطواتها لازالت ثابتة .

قاهرة اليأس :
كيف ازدادت اشتعالا بالأنوثة ، بعدما ناهزت الست سنوات بعدا عن ينبوع حناني ! من أين أتت بالخصوبة في هذه السنوات العجاف ؟ أم تراها عجافا على حقلي وعقلي وحدي ؟ كيف لها أن تشع بوهج يفوق الأشعة التي أحجبها عن عيني لأراها ؟ حجبت نورا ، لأرى شعلة نور أشد ، تذهب بالبصر والرشد والبصيرة !!

وتختال أنوثة محتشمة على قدمين ، لا تبدو عليها سمات المهجورة ، لا ترتدي أسمال المتخلي عنها ، لا تندب حظها كباقي النساء ، لم تعتزل الحياة والحب كمحطمة الفؤاد ، أنفاسها تسابق الريح بسرعة وقوة ، دماء الحب تجري في وجنتيها ، والحياة تتسابق ، لتحتضن نضارة اقبالها ، كيف قهرت اليأس الذي تركتها تتجرعه بيتم !

خيانة وشوق وحنين :
يتيم أنا في ملجأ حنيني إليها ، آوي إليه دون هوية أو تاريخ ، لا أحد يزورني غير ذكرياتها الوفية لتعذيبي ، إني أتعرق في جحيمي ، إني أغرق في خيبتي ، إني أعض تواجد الندم ، إني مرصود بشوقي إليها ، مهلك نورها ، موهن بريقها ، متعبة سطوتها ، مفترسة بعنفوانها ، تواريت بين الحشود ، لم أترك إلا بصيصًا أتلصص فيه ، على التي هجرتها طوعًا ،لأرتمي في حضن أخريات وأخريات ..

خطوات رشيقة سعيدة :
لكن عدلاً .. تجرعت مرارة قهر الهجر وحدي ، بهامتي النحيلة ، وعيوني الغائرة ، وقلبي الفراغ من كل نبض ، أخذت ما تبقى مني ، مع خطواتها الرشيقة التي تعانق السعادة .

وصية للمقاومة والنجاح :
أتمنى لكل ضحايا الألم والمعاناة ، أن يقهروا اليأس ويجعلوه وقودهم للمقاومة والنجاح ، لا تستسلموا لليأس حتى لا تثيروا شفقة الآخرين ، لا تغلقوا على أنفسكم في محيط سلبي يقتل أي محاولة للانطلاق ، تجنبوا التركيز على الذكريات السيئة ، وقاوموها بأخرى سعيدة ، تثير البهجة في قلوبكم .

أهداف نبيلة لاستمرار الحياة بعد الابتلاء :
تسلحوا بهدف علمي ، ولا تجعلوا حياتكم تمر عبثًا وبلا عبور نبيل ، لا تستمروا في ندب حظكم ، والبكاء على الأطلال ، بل فكروا في حل عملي يخرجكم من ذاك المأزق ، انسلخوا من ذاتيتكم وانهمكوا في مأساة الآخرين ومساعدتهم .. زوروا المستشفيات ديور العجزة والملاجئ والسجون ، وستشعرون بأنكم بألف خير وعافية ، امنحوا لأنفسكم متنفسًا ، كهواية لترتاح أعصابكم ، وتفكروا بشكل هادئ وسليم .

تحدثوا إلى من تثقفون في أمانته وحكمته ليمد لكم يد الصواب مارسوا الرياضة للتخلص من الطاقة السلبية ، واكتساب الثقة في النفس ، واظبوا على الصلاة من أجل السلام الروحي ، وآمنوا بأن الله يرعاكم ويختبر صلابة إيمانكم ، وتذكروا دوما  الآية الكريمة : بسم الله الرحمن الرحيم { وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} … صدق الله العظيم … فأحلى فوز مخلوق من رحم المعاناة .

By Lars