إن رحلة الحياة قصيرة ؛ ومهما مرّت العديد من السنون فإنها إلى زوال ؛ وجميع مَن يعيشون على وجه الأرض يعلمون أنهم سيرحلون يومًا ما ولكنهم قد يغفلون عن هذه الحقيقة ؛ مما يجعلهم يرتكبون الخطايا والذنوب والتي قد لا يكون لها حصر ، إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحدد ميعاد انتهاء رحلة الحياة ؛ ولكن حينما يُقبل الإنسان على الانتحار فإن ذلك يُعد كُفرًا لا يرضاه الله تعالى .
من الغريب أن يُقدم الإنسان على الانتحار وإنهاء حياته مهما بلغت درجة حزنه ويأسه من الحياة ؛ لأن قرار الموت ليس بتلك السهولة ، أما الأغرب من الانتحار هو إقناع شخص لآخر بأن ينتحر ، والأغرب من هذا وذاك هو إقناع أب لابنته بالانتحار ؛ والذي فيه يبدو الأب قاتلًا بكل المقاييس .
لقد اعترف الأب أمام المحكمة أنه استطاع أن يُقنع ابنته ذات العشرين عامًا بالانتحار ؛ وذلك حتى لا يشعر بالذنب تجاه تلك الابنة ؛ التي وصفها على أنها كانت ابنة عاقة لأمها التي طلقها فيما بعد ، كما أكدّ الأب أنه عانى كثيرًا من تصرفات ابنته الطائشة غير المسئولة ؛ حيث كانت كثيرة الخروج من المنزل دون علم والديها .
فكرّ الأب في حيلة للتخلص من تلك الابنة ؛ فلم يجد أمامه طريقة سوى أن يُقنعها أن تُنهي حياتها بنفسها ؛ وكأنه بذلك يُبرأ نفسه من دمها ؛ فقرر أن يصطحبها في رحلة إلى بلدة أخرى ؛ وبعد أن انتهت الرحلة وفي طريق العودة إلى بلدهما ؛ تحدث إليها الأب عن الانتحار ؛ وأنه السبيل الوحيد لراحتها من هذه الدنيا ؛ كما أنه سبيل الراحة له ولكل الأسرة .
فكرت الابنة في كلام والدها ؛ والتي فيما يبدو أنها كانت تعاني من بعض الاضطرابات النفسية ، والتي جعلتها تقتنع بكلام والدها ؛ وتقرر أخيرًا إنهاء رحلتها في الحياة حتى تُحقق الراحة لها ولمن حولها .
اتجه الأب بابنته إلى أحد المزارع بإحدى القرى المجاورة ؛ كي يُنفذ مُخططه هناك بكل سهولة ، وهناك أعطى الابنة شفرة حلاقة لتستخدمها في مهمة التخلص من حياتها ؛ فقامت الابنة بقطع أوردة يدها اليسرى ؛ غير أن القدر شاء أن يتوقف النزيف بشكل تام ؛ مما أبقاها على قيد الحياة .
شعر الأب بانتكاسة شديدة ؛ لأن مهمته لم تتحقق كما كان يريد ؛ فحاول في التفكير بحيلة أخرى لإنهاء تلك المُهمة التي اصطحب ابنته من أجلها ؛ حيث أن فكرة التخلص من ابنته قد تمكنت من كل تفكيره وسيطرت عليه بشكل كامل ؛ ولم يعد هناك مجال للتراجع ؛ أو التفكير بروح الأبوة التي منحه الله إياها .
كانت الحيلة الجديدة للأب هو استخدام السكين ؛ فذهب على وجه السرعة إلى سيارته وأحضر منها سكينًا كان يحمله معه ؛ وفيما يبدو أنه كان يُعده لتلك المهمة القاسية التي انتزع من خلالها كل مشاعر الرحمة والأبوة .
أعطى الأب ذلك السكين إلى ابنته ؛ وطلب منها أن تضعه على رقبتها ؛ فبدت الابنة مترددة في ذلك الأمر ؛ لأنه ليس هينًا عليها أن تنتزع روحها بتلك الطريقة البشعة ؛ غير أن الأب أصرّ على فعل ذلك ، وبالفعل وضعت الابنة السكين على رقبتها وقام الأب بمساعداتها عن طريق وضع يده فوق يدها ؛ حتى تمت مهمته بنجاح وقُطعت شرايين الرقبة .
فارقت الابنة الحياة على يد والدها ؛ الذي كان من المفترض أن يكون سندها وحمايتها من تلك الحياة ، ولكن فيما يبدو أنه اتخذ من عقوقها سببًا لإنهاء حياتها ؛ وبدلًا من إعانتها على أن تُصبح ابنة سوية السلوك ؛ ساعدها على أن تُنهي حياتها بأبشع الطرق .
كان الأب متماسكًا يشعر بلحظة الانتصار ؛ وذهب إلى سيارته وقام بإجراء مكالمات هاتفية إلى إخوته ليُبلغهم بالحادثة ؛ كما اتصل بهيئة الهلال الأحمر وأخبرهم بحادث ابنته التي انتحرت ؛ غير أنه اعترف أمام هيئة القضاء بأنه هو الذي أقنع ابنته بالانتحار وساعدها على تنفيذ ذلك ؛ ليتخلص من سلوكياتها التي كان يعاني منها .