في إحدى العصور القديمة كان هناك مملكة يحكمها ملك شاب ، وكانت جميع حكومته من الشباب ، واعتقد هؤلاء الشباب أن كبار السن في المملكة لا فائدة منهم وهم بمثابة عبء على البلاد ، لأنهم كانوا غير قادرين على عمل شيء منتج ، لذا اتفقوا جميعًا على أن أي عجوز فوق الستين سوف يتم التخلص منه وقتله .

وبالفعل أصدر الملك فرمانًا ملكيًا بقتل كل عجوز تجاوز الستين عامًا ، ولكن في هذه البلاد كان يعيش شاب يحب والده حبًا جمًا فقرر أن يخفيه في قبو سري بالمنزل ، ليحميه من القتل قبل أن يأتي الجنود لأخذه ، وعاش هذا العجوز في قبو بيته ولا أحد يعلم عن وجوده في المملكة ، وكان ابنه الشاب يستشيره دومًا في كل أمور حياته ، ولا يخطو خطوة واحدة إلا بمشورته .

وبعد بضعة سنوات اجتاحت موجة من الجفاف الرهيب البلاد ، وعاني الناس بسببها من المرض والجوع والفقر ، وكانت المجاعة شديدة لدرجة أن مخزون البلاد من الحبوب قد استنزف تمامًا ، ولم يبقى هناك حبة قمح واحدة لزراعتها في الأرض ، ولم يستطيع أي أحد من الشباب أن ينقذ البلاد من تلك الحالة المتردية التي وصلت إليها .

وفي تلك الآونة ذهب الشاب الذي أخفى والده في القبو ليستشيره ، فيما يجب أن يفعل في مثل هذه الظروف الصعبة ، فقال له العجوز لا تقلق بني ، خذ المحراث الخاص بك واحرث الطريق أمام منزلنا ، ومن ثم أشعل النار عليه ففعل الشاب كما نصحه والده ، وبعد فترة  هطلت الأمطار فبدأت براعم القمح تخرج من تلك المنطقة المحروثة .

وفوجئ الشاب برؤية البراعم تنبت دون زرع أي بذور في الأرض ، ولاحظ جميع من في البلدة ما فعله هذا الشاب ، وشاهدوا القمح وقد بدأ ينبت أمام منزله ، فجاء الملك لمعرفة سر هذا ، وتم إحضار الشاب أمام الملك لمحاكمته ، ومعرفة كيف فعل هذا في ظل نفاذ الحبوب ، فتردد الشاب قبل أن يخبر الملك أنها كانت نصيحة والده ، لكنه اضطر لإخباره في النهاية .

فصدم الملك عند ما عرف أن هناك عجوزًا يعيش بينهم ، خاصة بعد أن أمر بقتل كل العواجيز من عدة سنوات ماضية ، فأحضر الجنود العجوز من قبو البيت ، ولما امتثل بين يدي الملك سأله الملك قائلاً : أخبرني أيها العجوز كيف عرفت بأن هذه البذور موجودة هنا في باطن الأرض ؟

وكيف علمت أنها ستنمو بعد حرث الطريق ؟ فقال العجوز يا مولاي الملك : أنا رجل عجوز ولي من الخبرة الكثير ، فقديمًا حينما كان القمح ينتشر بالمملكة ، كان الناس يستخدمون هذا الطريق لنقله ، وكانت الكثير من الحبوب تقع على الطريق ، ومن خلال تجربتي في الزراعة كنت أعلم أنك إذا حرثت علي عمق معين ، ستحصل علي تلك البذور المنسية في التربة ، وستنمو وتزدهر مع سقوط زخات المطر .

ففطن الملك الشاب إلى حكمة العجوز وخبرته ، وأدرك أنه وكل حكومته كانوا على خطأٍ كبير ، وبعد هذه الواقعة لم يُقتل عجوز أبدًا وتمت معاملة كبار السن علي أنهم كنز قيم للأمة ، ومخزون من الخبرات الحياتية التي يتم تناقلها عبر السنين ، فقد علمت المملكة كلها أن كبار السن هم مخزن المعرفة وأهل الخبرة ، وأن خبرتهم تلك هي التي تساعدهم على الخروج من الأزمات والصعاب ، لذا يجب عليهم أن يحترمونهم ويحبونهم ، ويجعلوهم يشعرون بذلك .

القصة مترجمة عن Advice from old people

By Lars