وقالت له : أحبك بعدد لعنات بلادي المحتل ! لازالت سارة تعلنها لحبيبها في ساحات الحرب المتمردة ! وقف الفتي في منتصف الطريق بين قلبه وجثث الضحايا ، أخذ يلملم خطابات الهوى ويبعثها لم غزت قلبه دون سابق علم  ، انها سارة ، تلك الأنثى التي لا تؤمن برجال العوالم الورقية ، ويعجبها ذلك المجنون الذي يصرخ في وجه دباباتهم ، أحبها ، ولا يبالي ، في الحرب لكل شيء نكهة ، الرصاص !!.. إلا الحب لا وفاق بينه وبين رائحة الموتى .

سارة :
صباح كل حرب لا تأتي الشمس ، تمنح أهالي الوطن وعداً باللقاء ولا تأتي ، ربما تعثرت في ليل الاحتلال الكئيب ، وربما أدمنت الهروب حد الاحتراف ! كانت سارة تلك المرأة التي أنجبتها الحروب ، لا يفزعها صوت الفئران ، وتدلل قطتها السمينة ذات الشرطية الملونة كل مساء ، ولا تحلم بطلاء شفاه محير .

آدم :
وكان قدر آدم أن يصنع من جسده درعاً واقياً ، يكفي حبيبته الثائرة شر النيران غير مبررة ، منذ أن قطن دنيا العشر أعوام ، وهو أبدي الاقامة بأرصفة الوطن ، مغتربًا ، يحمل هوية الأرض الأم !

ذكريات وشوق :
صدره يضج بأنفاس الحبيبة وحواسه تلتصق بصورة حوائط منزله القديم ، الذي بات ذكرى ما إن لامس خاطره إلا وانهمرت في حضرتها دمعات تتكاثر في انتظام غير مرغوب فيه ! راحة يدى وطنك يا سارة عليك الاحتماء بها إن خانتك وجهة الوطن ! وتآمر على حقك المتآمرون ، عبارته تلك المبللة دمعاً ودماً ، ألقى بها في صندوق أثري تحمله سيدة مجعدة الجبين تتجول في المدينة بأسرها بحثاً عن شربة ماء وكسرة خبز .

العجوز وويلات الحرب  :
سيدة دهستها عجلات العدو حرمتها حاسة البصر ومنحتها حق كاذب ، في أن تحيا نصف حياة ، تقضيها هائمة على وجهها بمدينة فاحت بميادينها رائحة القهر وأصدقائه  تتنقل بالقرب من معسكرات المحتل كمن يتسول الحب ، كلما أبصرها آدم هون عليها ما تلاقيه مانحا اياها وعودا من كرامه !..

في الحب والحرية :
وما ان تنصت العجوز لغنوة الغد من آدم إلا ويقفز قلبها فرحاً وتهب مسرعة من الجهة الأخرى من المدينة ، حيث تجلس سارة بين مصابي الحرب تضمد جراحهم العميقة وتلقي عليها سلام تنشده في غدها القريب ، وتمنحها خطاب آدم في الحب والحرية ، تجاوزت خطابات العاشقين مداها ، وطافت أحلامهم بحدود الأرض الرهينة ، وحلق قلبهم بعيداً ، حيث يقطن سحرة الحرية !

سارة ابنة الحرب :
لم يعد الحب كلمة ولم يبقى للقلب أماني دنيوية زائلة ، لم تكن سارة مجرد فتاة ، عانقت النضج بكل قوة ومضت على أعتاب العمر قدما فحسب ، بل كانت ملهمة للإنسانية ، التي يستعرضها الأبطال على مسرح أوطانهم المحتلة ! .

الموت :
لم ترى آدم حبيب يتنفس ويشعر ويمضي ، بل كان في عينيها وطن ، يخفق نبض ثورته يوما فيوم إلى أن يحرر من أغلال الأمس القاسية ، لم تره شاعراً بقدر ما رأته ثائراً ، ولم تره ثائراً بقدر ما رأته محارباً ، ولم تره محارباً بقدر ما رأته بطلاً ، بطلاً في احتضانه يتنفس ، صبح الاستقلال ، أنت شمسي يا سارة وقمري الساهر … ولا تتوقفين عن المثابرة ، واحفري في قبور الغزاة بيتا بديعا لك ولي ! ، ولأبنائنا الذين سنراهم حتما في العالم الآخر ! .. كانت تلك آخر رسالة ، عثرت عليها ، سارة ، في أحد جيوب سترة حبيبها بعد موته دفاعاً عن أبناء الحرب .

By Lars