بينما الحاج أحمد الفلاح ذات الستين عام في طريقه إلى حقله وقبل سطوع الشمس ، اكتشف وجود رجلًا مُلقى على جانب الطريق ، وحدث ذلك بعد بضعة دقائق من تجاوز شاحنة تحمل الماشية ، وعندما اقترب منه الحاج أحمد الفلاح اكتشف وجود جرحًا غائرًا في جبهته .
ورأى الحاج أحمد الفلاح ، أن الأمر يقتضي الإبلاغ في عجلة عن حالة ذلك الرجل الجريح ، الذي يبدو بحاجة عاجلة إلى الإسعاف ، وفي ذلك الصباح البارد لم تمر أي سيارة يطلب منها المساعدة ، سوى تلك الشاحنة التي ظن أن ذلك الجريح قد سقط منها .
بعد مرور عدة دقائق ليست بقليلة ، سُمع صوت محركة سيارة قادمة ، ركض الحاج أحمد الفلاح ولوح بيديه لتلك السيارة القادمة ، فتوقفت السيارة وركض نحوها ، وطلب من السائق أن يحمله إلى المستشفى لإسعاف ذلك الجريح .
كانت دورية شرطة تقيم حاجزًا للتفتيش في مدخل البلدة ، فنزل الحاج أحمد الفلاح مسرعًا ، وأبلغ الشرطة عما اكتشفه ، بل وأبلغ الشرطة أن الرجل الجريح بحاجة إلى إسعاف عاجل .
فحملته الشرطة على متن سيارتها ، وانطلقوا نحو المستشفى ، ولما وصلوا وجدوه فاقدًا للوعي لكن لازال على قيد الحياة ، وتم الاستماع إلى أقوال الحاج أحمد الفلاح ، ودون الشرطي كل المعلومات ، وذكر الحاج أحمد الفلاح في الكلام تلك الشاحنة ، التي لمحها لكنه لا يذكر لونها أو أرقامها فقد غطتها طبقات من الوحل .
وفي المستشفى تم فحص ذلك الشخص الذي تعرض للضرب على رأسه بأداة حادة وفي معصميه أثر من قيود ، ولكن لم يُعثر معه على أي إثبات هوية ، ولم يستطيع النطق ، ولكن كانت نظراته لمن حوله تثير الشفقة ، فيبدو وكأنه يبحث عن شيئًا أو يود البوح بشيء ما .
انتظر المحققون تحسن أحواله الصحية ، لعلهم يظفرون منه بمعلومات تفك لغز وجوده ملقى على الطريق ، مر أسبوعين وقد أبلغ الطبيب المعالج لذلك الجريح الشرطة عن تحسن حالة الجريح ، وقدرته على النطق .
فانتقلت الشرطة إلى المستشفى ، وأجرى المحققون معه حوار عن ما حدث له ، ولكن كان نطقه ثقيل وغير مفهوم تمامًا ، ، ففضل المحقون انتظار أسبوع أخر حتى تتحسن أحواله للأفضل .
بعد ثلاثة أيام من وقوع الحادثة تلك ، تم الابلاغ عن تغيب شخص يدعى حميد ، وسجل أهله مواصفاته ، وكانت تلك مواصفات ذلك الشخص الذي عُثر عليه ، وتم التواصل مع أهله ، ولكن ظل الأمر المحير حول ذلك الشخص هو سر ذلك الجرح .
وطلب منه الشرطي أن يبذل مزيد من الجهد حتى يتمكنوا من الوصول إلى الجاني ، فنظر له حميد وابتسم إذ أعاده الله إلى الحياة بعد ذلك الهجوم الشرس الذي تعرض له ، ثم ذكر إن شريكه والذي يتاجر معه في الأغنام قام بالغدر به .
وبدأ الشجار يوم اكتشف حميد أن شريكه يقوم بسرقة أغنام من مناطق متعددة ثم يبيعها في الأسواق ، فقرر حميد أن ينفصل عنه لكن شريكه ذلك رفض إذ كان حميد هو الممول للمشروع المشترك بينهما ، فهدده حميد بفضحه .
فقام شريكه بدعوته إلى حظيرته لتصفية الحسابات بينهما ن فذهب إليه حميد وما أن دخل حتى هجم عليه بعض الرجال وقيدوه ووجهوا له ضربة قوية بالفأس على رأسه ، فسقط وقد ظنوه مات ، فألقوا به جريحًا على الطريق .
وفي اليوم التالي أقُيم حاجزًا للشرطة في مدخل المدينة ، استوقفت شاحنة لنقل الأغنام ، يقود الشاحنة رجل قوي البنية وذات صوت جهورى ، وإذ هو عبد الله شريك حميد ، فتم القبض عليه ، وبعد ثلاثة أيام تم تقديمه للنيابة العامة ، وفي اعترافاته ما يؤكد ما قاله حميد في التحقيق .