الحاجة سعدية سيدة أرملة ، قد توفى زوجها الحاج عبد الله منذ ثلاثة سنوات ، وكانت الحاجة سعدية تعيش بمفردها بعد أن تزوج أولادها الثلاثة في منزل داخل حارة بلا منفذ.
وكان الحي الذي تسكنه يعمه الهدوء خاصة في فصل الشتاء ، حيث يغيب القادمون لقضاء عطلتهم ويعودون إلى مدنهم ، وكان المنزل مكونًا من طابقين وفي مدخله حديقة صغيرة .
أصوات دون أشخاص :
وذات يوم أوت الحاجة سعدية إلى فراشها ، وفي تلك الليلة كان الجو ممطرًا ، وكان الهدوء يعم الحي ، ومن بعيد سمعت الحاجة سعدية صوت نباح كلب ، ثم سمعت شيء ثقيل وقع على أرضية مدخل المنزل ، ولم يبدو ذلك صوت دحرجة ، ثم بعدها عم السكون المكان.
تكرر الصوت فنهضت الحاجة سعدية من فراشها ، وطلت من النافذة التي تطل على الحديقة ، ورأت ضوء خافت ولكنها لم ترى أحدًا ، فعادت إلى فراشها ولكن بعد لحظات قليلة سمعت صوت أحدًا يريد أن يفتح الباب المؤدي لحديقة المنزل.
ثم في لحظة ما أحست بهواء بارد نفذ إلى الداخل فتملكها الخوف ، فنهضت الحاجة سعدية من فراشها ، وتقدمت نحو السلم وصعدت درجات السلم حتى بلغت الطابق الأول ، وكانت تشعر بالخوف يتملكها ، فقررت أن تعود إلى غرفتها وأن تُغلق الطابق الأرضي والباب بالمزلاج ، وأن وتنتظر حتى الصباح لترى ما الذي يحدث .
لحظات طويلة من الليل :
نزلت الحاجة سعدية درجات السلم مُسرعة ، وأغلقت الباب الخشبي الكبير بالمزلاج ، ولم تنم الحاجة سعدية في تلك الليلة ، ثم بعد ساعات سمعت صوت المؤذن يأتي من مسجد قريب ، وبدأت السماء تُمطر.
لم تقوى الحاجة سعدية على الانتظار ، وكانت اللحظات تمر كالساعات ، فما إن حل أول نور للصباح ، حتى تقدمت وحرصت أن لا تُحدث صوتًا ، وفتحت الباب وصعدت إلى الطابق الأعلى .
لص أم عابر سبيل :
وبينما الحاجة سعدية في أولى خطواتها ، فجأة أحست بشخص يمسكها ، فالتفتت فكان رجلًا طويلًا ماثلًا ينظر إليها بعينان تلمعان ، وكانت تكسو وجهه لحية كثيفة ، فسألته عن طلبه ، فأخبرها إنه لا يريد شيئًا منها .
بل اخبرها إنها لن تصاب بأذى ، طالما التزمت الصمت ولم تحاول الاتصال بالشرطة ، ثم دفعها وأمرها بالجلوس على الكرسي ، ثم مضي إلى المطبخ وفي الطريق لمح هاتفًا فنزع أسلاكه ، ثم عاد إليها وكانت الحاجة سعدية ترتجف ، إذ أخرج من المطبخ سكينًا كبيرًا وجلس أمامها ، وأخبرها إنه ليس لصًا ، إنما هو عابر سبيل سيمكث عندها بعض الوقت .
تهديد بالذبح :
وفجأة سُمع صوت محرك سيارة ، فنهض الرجل وتوجه نحو النافذة ، وحرك الستارة بلطف لكن جدار الحديقة كان يحول دون رؤية السيارة ، ثم فجأة بدأ ينبح كلب بجوار الباب ، ثم قُرع الجرس .
فطلب الرجل منها أن لا تصدر أي صوت ، وعاد الجرس يقرع ، وبعد قليل تسلل رجل جدار الحديقة ، فتطلع الرجل من النافذة ، وإذ به رجل من الشرطة ، وفتح الشرطي باب الحديقة من الداخل وتبعه ثلاثة رجال .
وكان أحدهم يمسك كلبًا كبيرًا ينبح بلا توقف ، واقتحم الشرطي باب المنزل الداخلي ، فأمسك الرجل بالسكين ووضعه على رقبة الحاجة سعدية ، وطلب الرجل من الشرطي أن يدعه ينطلق ، وإلا سيذبح الحاجة سعدية.
القبض على السجين الهارب:
فأمسك الشرطي بمسدسه ووجهه صوب ذلك الرجل ، فتسلل شرطي خلفه ، وأمسك بالسكين ، وطلب من أتباعه تحرير الحاجة سعدية ، وقُيد الرجل إلى مركز الشرطة ، وهناك عرفت أن ذلك العابر هاربًا من السجن ، حيث كان يقضي عقوبة حبس بعد اتهامه بقضية تهريب .