أصعب الحروب التي قد تقوم بها في حياتك هي الحرب التي لا تملك فيها أي سلاح لتدافع به عن نفسك ، كيف إن كنت لا تملك سلاحًا ولا ترى العدو ، ماذا لو كان عدوك في حربك هو جسدك ، ماذا تفعل إن تآمر عليك جسدك وقرر أن يخذلك ويتخلى عنك .
تلك هي معركتها مع السرطان الذي أصابها ، كانت شابة قوية مستقلة ، تعمل وتتعلم لا تريد من الدنيا شيء سوى تحقيق طموحاتها ، حين ذهبت لتجري فحصًا عاديًا من أجل العمل ، وطلب منها عينة دماء ، لم تتردد لحظة واحدة ، حينها لم تكن تعرف الكارثة التي تنتظرها والحقيقة التي ستزلزل حياتها كلها .
بعد خمسة عشر يومًا استدعاها طبيب العمل ، وطلب منها أن تعيد الفحص ، تخيلت أن العينة التي سلمتها فقدت من المعمل أو أن النتائج اختلطت مع نتائج أحدًا أخر ، فذهبت من جديد لتمد المعمل بعينة جديدة .
لم تستطع استيعاب ما يقوله الطبيب لها بأنه يشتبه أن هناك مشكلة ما لديها ، فالنسب في التحليل ليست طبيعية ، وأنه يشتبه في إصابتها بالسرطان ، وقعت عليها الكلمة كأنها صواعق مدمرة ، وقعت في فخ الاكتئاب والحزن والدموع التي لا تنتهي ، لكن أسرتها بأكملها كانت مساندة لها ، تشجعها على العلاج والتحسن ، رغم خوفهم الشديد عليها مما قد يحدث لها ، وبأنها يمكن ألا تتحسن ولكن على الرغم من ذلك كان دافعهم الأمل ومحركهم الحب .
قررت أن تبدأ رحلة العلاج كانت رحلة صعبة وطويلة ، لكنها تعلمت فيها الكثير من الأشياء ، وتعرفت على الكثير من الأشخاص في هذا المكان ، تعلمت أن الحياة أكبر من العمل والدراسة وأن هناك فيها أصدقاء وأسرة يستحقون أن نحارب من أجلهم ، تعلمت أن الحياة طالما استمرت لابد وأن نحارب ونحارب ونحارب .
كانت أسرتها واسعة النفوذ وثرية فتمكنت من إرسالها إلى أحد المنتجعات الصحية في الهند ، قضت هناك فترة النقاهة ، وفي أثناء رحلتها تعرفت عليه ، شاب يبدو في صحة تامة لكنه كذالك كان مريضًا من السرطان ، وحاول أن ينال علاجه أكثر من مرة لكن المرض اللعين كان يعود إليه مجددًا .
لم يكن يمتلك أي رغبة في المحاولة مجددًا ولكن حين تعرف عليها ، وشعر أن قلبه بدأ يدق من جديد بطريقة مختلفة أصر على العلاج والشفاء من هذا المرض اللعين ، قررا الزواج رغم أن كلا أهليهما كان لديهم تحفظات على هذا الزواج .
سافرت معه إلى كثير من الدول ، كانوا يشاهدون العالم ويستمتعون بالسفر ، والمشاهد الطبيعية الخلابة التي يشاهدوها سويًا وفي نفس الوقت يتابعون رحلة العلاج والتخلص من هذا المرض اللعين تمامًا .
لم تصدق نفسها حين علمت بخبر حملها ، وذلك لأن معظم الأطباء أكدوا أنه شيئًا مستبعد بسبب العلاج الكيماوي ، ولكن هذا الخبر جعل كلاهما يتمسك بالحياة أكثر ويحارب أكثر وأكثر .
واستمرت الحرب ضد السرطان ، استمرت تنقلاتهم بين البلاد المختلفة ، أنجبت طفلها وكان طفلًا جميلًا ، ولكنه لم يتمكن من رؤية والده الذي توفي في أثناء حربه على السرطان .
وتركها وحيدة من جديد ، حزينة متألمة ، لكنه ترك معها قطعة منه ، أحبتها وعشقتها واهتمت بها ، كانت تراه في كل كلمة وكل تصرف يقوم به الطفل ، وعاشت عمرها كله تهتم بطفلها وترعاه وتعطيه كل الحب ، تروي له الحكايات عن والده وعن شهامته وشخصيته.
كبر الصغير وتخصص في دراسة طب الأورام ، وأسس بمساعدة والدته مركزًا لعلاج الأمراض السرطانية وأطلق عليه اسم والده الراحل ، حتى يخلد ذكراه ويخلد قصة الحب التي كان أساسها الحرب على السرطان .
قصة عن حدث واقعي .