على بعد عدة كيلو مترات من البلدة ، ووسط محيط غابي كثيف بنى صلاح منزل خشبي فخم ، حيث لا يمكن الوصول إلى ذلك المكان ، إلا باستعمال سيارات رباعيه الدفع ، وحكايات كثيرة راجت عن ذلك السكن .

يقال أن صلاح تاجر من تجار الحشيش ، وله زبائن عديدة بل ويقال أنه تخلي ، عن تجارة المخدرات ، ويعمل في استثمارات العقارات ، ولكن ما يعرف عنه أنه يستقبل العديد من الضيوف في سكنه ذاك .

المتقدمون في السن وحدهم ، يعرفون ماضي صلاح مرزوق ، ابن المزارع البسيط الذي صار غنياً ، ويعلمون أن صلاح امضى أكثر من خمسة عشر عاماً في ألمانيا ، ويظن البعض أن أساس مدخراته ، تلك هي ثمره عمله في ألمانيا طوال تلك السنوات ، ولكن صلاح لم يتم القبض عليه مرة في قضية تجارة المخدرات .

في يوم ما انقلبت سيارة رباعية الدفع لصلاح ، والذين عاينوا الحادثة وما بالسيارة من جرحى ، قالوا إن أحدهم استولي على كيس أوراق نقدية ، ثم اختفى ونقل السائق إلى المستشفى وسريعاً ، نقل حطام السيارة إلى مستودع ملحق بمنزل صلاح.

ثم شاع أن الحادثة مدبرة حيث من تسبب ، في تلك الحادثة كانت بينه وبين صلاح عداوة قديمة ، وكان السيد حميدو والذي يسكن على بعد كيلو مترات من صلاح ، كان يتابع ذلك الموضوع .

وعُرف عنه أنه قليل الكلام وقبل سنوات كانت قد نشرت ، بينه وبين صلاح عداوة بسبب حدود قطعتين أرضيتين متجاورتين ، ولكن المسألة سويت ولم يعد أحد يتحدث بل ، وتصالحا معًا في جلسة ، صلح ثم فجأة اختفى حميدو من المشهد .

ما لا يعلمه الكثير إن حميدو اختفى بعد أن جاءته مكالمة هاتفية ، وقال صهره محمد الذي يعد كاتماً لأسراره ، إنه اختفى بعد أن قال انه على موعد مع شخص ، في مقهى ولم يذكر شيء عن الشخص الذي ، خرج للقائه .

ولكن ما يقلق زوجته وابنته الوحيدة ، في تلك المرة هو أنه لم يصل للمقهى التي ، ذكر أنه سيكون على موعد هناك ، وبعد عدة أيام جاء شخص يبلغ صهره ، بأن حميدو في أمان لكن ، لكي يعود يتعين عليهم إعادة أمانة يحتفظ بها عنده .

ولم يكن الرجل يعرف طبيعة تلك الامانة ، ولم يوضح الشخص الذي ابلغهم بذلك ، ما تعنيه كلمة أمانه وفى النهاية ، ما استخلصه هو أن حميدو محتجز عند أناس لا يعرفهم ، عم الصمت يومين وفى اليوم الثالث ، عاد ذلك الشخص .

وأخبر صهر حميدو أنه يتعذر الحديث ، مباشرة مع حميد كما طالبوا منه في الزيارة الاولى ، لكن أوضح لهم أن الأمانة هو كيس ، فوعد الرجل بالبحث في منزل حميد عن تلك ، الأمانة بل وطلبه العودة في الغد .

اجتمع عدد من الرجال من رفقاء حميدو وتناقشوا حول الأمر ، ولم يستبعدوا أن تكون لصلاح علاقة بالموضوع خاصة ، تذكرهم العداوة القديمة بينهما ولكن لم يستطيع ، أحد تفسير المقصود بكلمة الامانة ، ورجح البعض أن المقصود به هو كيس من المال ، رغم أن حميدو لم تكن حالته المادية ، تحتاج أن يقترض من صلاح .

قرر كل واحد أن يعمل بجهده ، للكشف عن سر اختفاء حميدو ووصل الخبر ، إلى صلاح وقال أن اختفاء حميد ورآه شيئاً ، من مخلفات تلك العداوة بينهما ولذلك ، بادر صلاح بالتواصل مع عائلة حميدو .

وأخبرهم أنه بريء من قصه احتجازه ، وأنه ينفي جملة وتفصيلًا ما قيل بل عرض بالمساعدة للكشف ، عن من يحتجزه كانت تلك رسالة مطمئنة ، لكن لم تكن كافية لتبديد كل الشكوك.

بعد ثلاثة أيام اتصل أحدهم بصهر حميدو وابلغه بالمكان المحتجز فيه حميد ويعرف صهره أن حميدو لديه أعداء كثيرون غير صلاح ، ومنهم رجل يدعى عباس يسكن في تلك المنطقة ، فقرر صهر حميدو أن يذهب إلى ذلك المكان الذي يسكنه عباس رغم أنه يبدو أغلب الوقت كمنزل مهجور .

حمل صهر حميدو بندقية الصيد واصطحب ، معه اثنان من معارفه متجهون فجراً ، نحو ذلك المنزل وبعد ساعتين ، وصلوا تلك التلة التي كان يعلوها ذلك المنزل القديم ، فتركوا دوابهم في مكان آمن ، ثم تسلقوا التلة وكان المكان موحش ويبدو خالياً .

دفع الباب وتقدم صهر حميدو ومعه ، رجلين ومن النافذة رأوا شخصا ممدداً على الارض فأمسكوا به ، وسألوه : أين حميدو ؟ ، فتعجب الرجل وقال : من حميدو ؟ ، فقالوا : لا تتظاهر بأنك لا تعرفه فسنفتش ، المكان وإن عثرنا عليه ستخرج رصاصتين من تلك البندقية ، وتستقر في جمجمتك وسينتهي كل شيء.

في الغرفة المجاورة أخذ صهر حميدو ذلك الرجل معه ، وكان معه مفتاح ففتح لهم باب الغرفة ، وعند فتح الباب ظهر لهم حميدو ممدداً على بساط ، قديم فأسرعوا نحوه ليطمئنوا على حاله .

ولكنه لم يقوى على الكلام واكتفى بإشارة من يده ، وكان يبدو منهكاً فحمله صهره على كتفه وقام رفيقه ، بربط ذلك الرجل الذي وجداه وغادروا الى المنزل ، وعند وصولهم هناك دق الهاتف ، وكان الشخص نفسه الذي اتصل من قبل يعلن ، أنه لن يصبر أكثر وأنه سوف يقتل حميدو إذا لم يسلموه ، تلك الامانة .

ودون أن يسأله أحد قال : أريد ذلك الكيس الذي أخذ ، من سيارة صلاح التي انقلبت ، وبعد ثلاثة أيام جاءوا من أخبروه حميدو ، بمقتل عباس بحادثة سير وبعد ذلك فكت عقد ألسن ، أكدت أن عباس هو من استولى على الكيس ، الذي وقع من العربة رباعية الدفع التي تعود لصلاح ، وأن احتجازه لحميدو لم يكن ورائه من غرض إلا التمويه .

By Lars