في قديم الزمان يحكى أن كان يوجد امرأة لم يعطيها الله طفل وكانت ترجو كل يوم أن تزرق ويكون لها صبي أو فتاة، وقد كانت تعيش مع زوجها الذي يعمل الحطاب في الغابة النائية، وكان بيتهم صغير جداً، كانت هذه السيدة حزينة للغاية وتدعي أن يرزقها الله بصبي أو فتاة صغيرة حتى لو كان هذا الطفل بحجم عقلة الإصبع، وكانت تصلي لله كل يوم، فاستجاب لها الله وأعطاها فتاة صغيرة جداً وكان حجمها مثل عقلة الإصبع، فكانت المرأة سعيدة جداً بهذه الفتاة جداً وزوجها كان فرحاً جداً ومن ثم قال سيكون اسمها ” نمنمة ” لأن حجمها صغير جداً.
بقيت هذه الأسرة في سعادة وشكر لله على الذي أنعم عليهم بهذه الطفلة الجميلة نمنمة، لم يكبر حجم الفتاة بل بقيت بحجم صغير جداً كعقلة الإصبع، وفي يوم من الأيام مضرت الأم جداً وكانت ترغب أن تذهب لترسل إلى زوجها الغداء في عمله بالغابة، ولكنها كانت مريضة ولن تقدر على السير طويلاً، فقالت المرأة حزن، يا ليت لي ابن كان يمكنه يأخذ الطعام لأبيه بالغابة، فقالت نمنمة الصغيرة لها، أنا يا أمي يمكنني أن أخذ الطعام لأبي في الغابة، فأجابنها الأم وكيف يا نمنمة، قالت لها أنتِ ضعي الأكل على الحصان ثم ضعيني داخل أذنه، وأنا سوف أذهب لا تقلقي على ابنتك فأنا فتاة ذكية وايضاً شجاعة ولا أخاف من أي أمر، خافت الأم في البداية ولكنها وافقت بسبب اصرار نمنمة المفرط، فقامت الأم بوضع الطعام وربطته جيدا على ظهر الحصان ومن ثم وضعت نمنمة في أذن الحصان وقبلتها ودعتها تذهب لأبيها داخل الغابة.
كانت نمنمة في داخل أذن الحصان وهي التي كانت تقول له الطريق كيف وكقد ان صوتها مرتفع جداً، وفي هذه الأثناء كان هناك ساحرة عجوزة تمشي في الغابة، وكانت تأخذ ثمرات التوت البري حتى تعد وصفة سحرية، وفجأة سمعت العجوز الشريرة صوت مرتفع يأتي من بعيد، فأخفت نفسها خلف الأشجار ومن هنا سمعت صوت شخص يتكلم ولكنها لم ترى أي شخص إلا الحصان فقط.
أندهشت العجوز وهي تقول هل الحصان يتحدث، فمشيت خلف الحصان حتى وصل للحطاب وهنا رأت الحطاب وهو يخرج عقلة الإصبع من داخل أذن الحصان، فتهللت بفرح فهي كانت تبحث عن هذه الفتاة الصغيرة منذ زمن طويل، وترغب أن تعد بها وصفة سحرية فريدة من نوعها، قراحت الساحرة للحطاب وقالت له هل يمكن أن أخذ هذه الفتاة الصغيرة وسوف أمنحك بدلاً منها جوهرة ثمينة، وبالفعل أرته الجوهرة وكانت ضخمة جداً، فرفض الحطاب وقال لها هذه ابنتي ولن أتخلى عنها ابداً، ومن هنا قامت الساحرة بضرب الحطاب وخطفت عقلة الإصبع وهربت بها ولكن عقلة الإصبع قالت للأب وهي تبكي بصوت مرتفع، لا تقلق يا أبي سأستطيع التصرف لا تخف، أنا يمكنني التصرف.
خطفت الساحرة عقلة الإصبع، ومن ثم صعدت على مقشتها الطائرة وطارت في الهواء بعيداً وهي ممسكة بعقلة الإصبع بين يديها بشدة، فوصلت إلى منزلها ومن ثم وضعت عقلة الاصبع داخل صندوف زجاجي، واخذت تضحك عليها بسخرية واستهزاء، وكانت تجهز على النار قد كبيرة مليء بالكثير من الأشياء ، فبدأت عقلة الإصبع تشعر بالخوف القوي والقلق فهل يمكن أن تضعها الساحرة في هذا القدر فوق النار، فسوف أموت في الحال، فكرت نمنمة كيف يمكن أن تهرب ولابد أن تجد طريقة، وجلست تفكر كيف تهرب، وهنا رأت فأر صغير وكان مختفي وراء أشياء العجوز فندت عليه، فنظر لها الفأر بتعجب وقال هل هذه حشرة فهم لم يرى إنسان في حجم هذه الفتاة ابدا، فقالت له نمنمة، أرجوك ساعدني حتى أهرب من هنا سوف تأكلني العجوز وتحرقني في القدر المغلي .
كان الفأر على علم أن الساحرة شريرة جدا وسوف تقوم بهذا، لذا قرر يساعد نمنمة وقام بدفع الصندوق الصغير، حتى سقط على الأرض وتكسر تماماً، فاستطاعت نمنمة أن تختفي بسرعة في داخل اقرب شيء وجدته وهي مقشة الساحرة الشريرة، وهنا لاحظت الساحرة وهي غاضبة وحين وجدت الصندوق تكسر، اخذت تصيح باحثة عن عقلة الإصبع كثيراً ولكنها لم تعثر عليها ولم تفكر أن ممكن تجدها في مقشتها الطائرة، بقيت نمنمة في المقشة مختفية بين شعر المقشة الخشن، حتى شعرت الساحرة العجوز بالتعب من البحث عن نمنمة، ثم خرجت نمنمة حين تأكدتأن الساحرة الشريرة قد نامت، ولكنها قررت أن تكسر كل شيء منزل السحرة جزاء على ما قامت به معها.
فقامت بربط كل شيء من اغراض العجوز معاً بخيط رفيع سحري من الخيوط الخاصة بالساحرة، ومن بعدها ربطة الحبل في عنق القط النائم في الأرض، وبعدها خرجت سريعاً من فتحه صغيرة بالباب وهي تصيح حتى يستيقظ القط، استيقظ القط ورأها وهي واقفة امام الباب فركض مسرعاً، وهنا سقط كل شيء داخل المنزل وبالاخص الأشياء السحرية وتحطم كل منزل الساحرة العجوز، التي استيقظت خائفة واخذت لترى كل الأشيائها السحرية قد تحطمت، وبغضب كبير ضربت القط على ما فعلته وأخذت عقلة الإصبع تضحك فرحه وهي تركض لداخل الغابة ولكنها كانت لا تعرف كيف ستعود للمنزل، فكرت أن تبقى هذه الليلة في مكان آمن وبحلول غروب الشمس فن ترى في الليل الطريق حتى لا تتعرض للخطر، ومن ثم وجدت بيت صغير لفأر فطلبت من الفأر أن تبيت لديه فوافق الفأر، وبقيت ليلتها مع الفأر الطيب الذي أنقذها من الساحرة ونمنمة ساعدته بالأعمال المنزلية، وتنظيف المنزل لأنه كان متسخ، وقالت له أن يهتم بنظافة منزله حتى لا تأتي له الأمراض، ووعدها الفأر بأنه سيكون نظيفاً، وفي الصباح ارجعها الفأر إلى منزلها ولكنه قبل أن يعيدها أعطاها هدية وهي عبارة عن جوهرة ثمينة جداً.
كانت لا تتمكن من حملها فحملها عنها الفأر وقام بارجعها لمنزلها وهنا دخلت المنزل، وهي فرحه وتهتف باسم امها وابيها وادخلت الفأر ليتعرف علىوالديها وأعطتهم الجوهرة فأبتهجوا بها جداً ورحبوا بالفأر الصغير، وطلبوا منه أن يظل معهم إن أراد ويعيش معهم ايضاً، ففرح الفأر ووافق وقام الأب بشراء منزل كبير بعد أن باع الجوهرة، وجهزوا منزل للفأر داخل حديقة المنزل وكانوا يأتون له بالطعام، وكانوا سعداء جميعاً عقلة الإصبع هي وعائتها وصديقها الفأر الجديد.
الدروس المستفادة من القصة
ماذا نتعلم ونستفاد من قصة عقلة الإصبع نمنمة، أن الإنسان يستطيع أن يفعل كل شيء حتى لو كان حجمه صغير وضعيف فمادام له عقل يفكر ونشيط يمكن أن يفعل أي شيء، كما يجب أن لا نخجل من طلب المساعدة عندما نريدها ولا نسخر من أي كأئن مهما كان شكله او حجمه، الدرس الاخير هو أن الله يسمع الدعاء فقد دعته السيدة بأن يهبها طفلة في حجم عقلة الإصبع وقد أستجاب لها، ولو انها طلبت فتاة طبيعية كان الله سيستجيب لها لأنه الله يسمعنا، فعلينا أن ندعوه بكل شيء جميل ونحن مؤمنون من الإستجابة.