كان ثمة أمير شاب ، لم يكن الأكثر وسامة ، بل الأكثر طيبة ونقاء ، وذات مساء من مساءات الصيف ، كان الأمير يسير على ضفاف النهر ، حين نظر إلى الأعلى و رأى بمحاذاة السحب الوردية في الفضاء ، ثلاثة مخلوقات جميلة ، ليسوا ملائكة بل ثلاث فتيات جميلات .
خلعت الفتيات أجنحتهن وهبطن للاستحمام في البحيرة ، فقام الشاب الوسيم بالحصول على جناحين واختبأ ، وبعد أن انتهت الفتيات الجميلات من قضاء بعض الوقت بالمياه ، وارتدين ثيابهن جميعًا ، لم تجد الفتاة الصغرى أجنحتها ، بينما ارتدت شقيقتيها أجنحتهن ، فقمن بالنهاية بالاتفاق على أن تطير الفتاتين إلى السماء ، وتحضرا جناحين للصغيرة ، التي ظلت وحيدة تبكي .
هنا ظهر لها الأمير من خلف الشجيرات ، وسألها ما بها فأجابته أن هناك من سرق جناحيها وأنها إحدى أميرات جبل النحاس ، ولا يمكنها أن تعود من حيث أتت ، سوى بعد أن تحصل على جناحيها ، فأخبرها أنه الأمير ووالده ملك هذه البقعة ، وطلب منها أن تتزوجه ثم يعطيها جناحيها ، فوافقت على أن يمنحها جناحيها أولاً ، إلا أنه أصر على عقد القران ، فوافقته وأخذها إلى والديه وطلب منهما إذنًا بالزواج منها ، ففرح الملكين بزوجة ابنهما الأميرة الجميلة ، وأذنا لهما بالزواج ، واستعد الجميع للزفاف الملكي .
عقب أن تم الزواج بين الأميرين ، أعطى الأمير لمجبوبته جناحيها ، فأخذتها بحبور شديد وثبتتهما ، ثم طارت أمام الحضور جميعًا ، فبكت الملكة وتجهّم الملك ، وانطلق الأمير الحزين بحثًا عن أميرته ، على جبل النحاس الذي أخبرته به .
انطلق الأمير وبحوزته سوط سحري ، يفعل ما يأمره به ، وأثناء انطلاقه قابل اثني عشر رجلاً يتشاجرون على حذاء ، يساعد من يرتديه على المضي لسبعة فراسخ كاملة ، في خطوة واحدة ، فقام الأمير بإطلاق السوط عليهم فضربهم جميعًا ، وهنا استطاع الأمير الحصول على الحذاء وانطلق به ، يبحث عن جبل النحاس ، وبعد أن شعر باقترابه من الجبل ، خلع الحذاء ، ووجد أمامه رجالاً يتشاجرون على قبعة إخفاء ، فاستدعى سوطه فضربهم ، وأثناء انشغالهم ارتدى الأمير القبعة ، واختفى من أمامهم جميعًا .
وصل الأمير إلى جبل النحاس ، بعدما ساعده سوطه على الوصول ، ولكنه وجد قمة الجبل تختفي خلف السحاب ، فذهب محاولاً الصعود ولكن دون جدوى ، حتى وجد رجلاً طاعنًا في السن ، فسأله عم يفعله وكيف يصعد ، فأخبره الرجل أنه يعد الطحين الذي ترغب به أميرات جبل النحاس ، ويقمن بالحصول عليه عن طريق أنشوطة ، تتدلى من شرفة القصر بأعلى الجبل ، هنا خطر للأمير أن يرتدي قبعة الإخفاء ، ويصعد مع الطحين وبالفعل في خلال دقائق ، صعد برفقة الطحين إلى داخل القصر .
وجد الأميرات الثلاث تجلسن معًا ، وبينهن أميرته الجميلة تبكي ، على تصرفها غير اللائق معه ، وكانت تخبر شقيقتيها أنها لابد أن تعود له ، فهي تحبه وقد أحزنته بتصرفها ، ولابد لها أن تتوسل له أن يسامحها فمن المؤكد أنه حزين بسببها ، هنا لم يجد الأمير بدًا من خلع قبعته فظهر أمامهن ، وأخبرها بشوقه لها ، ثم حملها معه وعاد إلى القصر ، واستقبلهما الملكان بحفاوة شديدة ، وعاش الجميع في سعادة بالغة .