الشجاعة صفة حميدة يجب أن يتحلى بها كل مسلم ، ولا تأتي سوى من الأنفس الواثقة بنفسها ، والواثقة بأقدار الله عز وجل ، وأن الله هو المنجي لكل شجاع ، يقف إلى جوار الحق ولا يخش فيه لومة لائم .
وتعني الشجاعة في أبسط مفهوم لها ، أنها القدرة على مواجهة المخاطر والصعاب ، دون خشية الظلم والخطر والألم ، وذلك بعيدًا عن الضعف والاستسلام ، ويذخر تاريخنا الإسلامي ، بالعديد من الشخصيات التي عُرف عنها ، الشجاعة والإقدام في الكثير من المواقف البطولية الرائعة ، التي تجلت فيها شجاعتهم ، وأثبتوا فيها قوتهم وأنهم لا يخشون إلا الله ، سبحانه وتعالى وكل ذلك في سبيل ، نشر الدعوة إلى الإسلام .
وهذه بعض مواقف لبعض الصحابة ، والتي تجلت فيها شجاعتهم في أكثر من موقف.
شجاعة أبو بكر الصديق :
ظهرت شجاعة أبو بكر الصديق ، في أكثر من موقف مع رسول الله ، صلّ الله عليه وسلم ، وكان أكثرها تأثيرًا ، هو موقفه عقب وفاة الرسول الكريم ، في الفترة التي ارتدت فيها الكثير من قبائل العرب ، عن الإسلام وعادوا مرة أخرى إلى الكفر .
قرر أبو بكر الصديق ، أن يحارب تلك القبائل ، فيما عرفت بحروب المرتدين ، وذلك حتى لا تشيع الفتنة بين المسلمين ، هنا عارضه بعض الصحابة ، بأن هذا التوقيت ليس ملائمًا لإعداد الجيش للحروب ، فوقف أبو بكر الصديق ، وقال بصوت مرتفع ، والله لا ينقص دين الله وأنا حي ، فنصر الله المسلمين .
شجاعة عمر بن الخطاب :
برزت شجاعة عمر بن الخطاب ، في يوم غزوة حنين ، تلك الغزوة التي فر منها العديد من الصحابة والأخيار ، إلا أن عمر بن الخطاب كان من القلة القليلة ، التي بقيت برفقة الرسول ، صلّ الله عليه وسلم ، وظل إلى جواره يحميه من بطش الكفار ، ويدافع عنه ببسالة منقطعة النظير ، فقال الرسول عن شجاعة عمر ، أنه ما سلك طريقًا ، إلا وسلك الشيطان طريقًا غيره ، في إشارة منه إلى شجاعة وقوة عمر .
شجاعة عليّ بن أبي طالب :
تجلت شجاعة علي بن أبي طالب ، عندما أراد الكفار قتل رسول الله ، صلّ الله عليه وسلم ، فتطوع علي بقلب شجاع ، للذود عن رسول الله الكريم ، وذهب لينام بدلاً منه في فراشه ، في الليلة التي حددها الكفار لقتل الرسول ، دون أن يخش شيئًا ودون أن يفكر في أنه سوف يُقتل بدلاً من الرسول .
الحكاية :
كل تلك المواقف استفاد منها صديقنا مازن ، وهو طفل ذكي وودود للغاية ، وقد عرف عنه الشجاعة والإقدام ، فلا يترك حيوانًا إلا وأنقذه من الجوع والعطش ، دون أن يخش سخرية أحدًا منه ، ولم يترك عجوزًا إلا وقد ساعده ، في حاجته وذلك في سبيل الله .
كان مازن في أحد الأيام ، قد ذهب إلى الشاطئ برفقة أسرته ، لقضاء الإجازة الصيفية ، وانطلق يلعب ويمرح على الشاطئ ، مع أشقائه وأصدقائه ، الذين التقاهم قدرًا في نفس المكان .
كان مازن يلعب بالقرب من البحر ، ولكن دون الخوض فيه كما أمره والديه ، وأطاعهما هو بالوعد أنه لن يدخل إلى البحر ، حتى لا يضع نفسه في مأزق ، ولكن أثناء لعبه مع رفاقه ، سمع مازن صوت استغاثة قادمًا من داخل البحر ، فنظر نحو مصدر الصوت ، ليجد طفلاً صغيرًا ، يجاهد الأمواج وقد كاد يختنق ويغرق .
انطلق مازن مسرعًا ، فهو يسبح جيدًا ، ويمكنه أن ينقذ الطفل بمهارة ، وبالفعل ووسط جموع المصطافين ، دخل مازن بين الأمواج بكل شجاعة ، ثم سحب الطفل من كتفيه ، وبدأ في جره نحو الشاطئ ، حتى وصل إلى الرمال ، وجلس يرتاح من شدة التعب والانفعال .
نظر الجميع إلى مازن بإعجاب شديد ، وشكرته والدة الطفل الذي كاد أن يغرق ، فحمد مازن الله عز وجل ، أنه وهبه القدرة والموهبة والشجاعة ، وجعله سببًا في إنقاذ روح هذا الطفل ، برحمة من الله وليس بفضل من مازن نفسه .