حينما يجتمع الناس على شيء رغم خطأه يظنون أنه الأصوب ، رغم أن هذه قاعدة لا يمكن تعميمها فقد نشأ الإسلام في بدايته غريبًا قليلًا ، ورغم انتشار الكفر حينها وإجماع الناس عليه لم يكن هو الأصوب .

يُحكى أن زوجة أحد الملوك تأخرت في الإنجاب فأرسل الملك إلى كافة أطباء المملكة لينظروا في أمرها ، وشاء الله أن يتم شفاءها على أيديهم حيث حملت الملكة ، ومرت الأيام تلو الأيام والملك يستعد لقدوم ولي العهد حتى جاء اليوم التي وضعت به الملكة وليدها .

ولكن للأسف لم تكتمل فرحة الملك والملكة بوضع المولود ، فقد كان الأمير الصغير بأذن واحدة فقط ، انزعج الملك كثيرًا عندما رأى الأمير وخشي أن تنشأ لديه عقدة نفسية حينما يكبر ويجد نفسه مختلف عن الآخرين ، فيحول هذا الأمر بينه وبين كرسي العرش .

لذا جمع كل مستشارين المملكة وعرض عليهم الأمر ، فقال له أحدهم : الأمر بسيط يا مولاي اقطع أذن كل مولود يولد وبذلك سيتشابه المواليد الجدد مع مولاي الأمير الصغير ، أعجب الملك كثيرًا بفكرة مستشاره الفطن ، وأمر بقطع أذن كل المواليد ومن يومها صارت تلك هي عادة البلاد .

فكلما ولد مولودًا جديدًا قطعوا له أذنه حتى مضت السنوات وأصبح المجتمع كله بأذن واحدة ، وفي يوم من الأيام وفد إلى المملكة شابٌ طبيعي له أذنين كباقي البشر ، حينما رآه الناس في المملكة تعجبوا من خلقته وجعلوه محط سخرية الجميع ، وكانوا دائما يستهزئون به وينادونه بذو الأذنين وكأنها سبة .

ظلوا يفعلون معه هكذا حتى ضاق بهم ذرعًا وقرر مجاراتهم فيما هم فيه ، وقطع أذنه بيديه كي يصير واحدًا منهم وينجو من سخريتهم المستمرة ، فعل الشاب هذا رغم علمه أن خلقته هي الأصل وخلقتهم هي المسخ الذي فعلوه بأنفسهم ، فهم لم يتوقفوا دقيقة واحدة للتفكير في سبب قطع أذانهم ، وأن الله طالما خلقها في وجوههم فهي لسبب معلوم وليست زائدة .

ولكنها إعاقة المجتمع التي تحدث فيكل زمان ومكان وتحتاج العمل وإعمال الفكر كي تنتهي ، فقد حدثت في مجتمع سيدنا إبراهيم الذي كان معاقًا بالشرك ، ومجتمع سيدنا لوط الذي كان معاقًا بالشذوذ ومجتمع سيدنا شعيب الذي كان معاقًا بالربا .

فالخطأ يبقى خطأ حتى لو أجمع الناس على فعله ، والصواب هو الصواب حتى ولو لم يقم أحد بفعله ، وهناك قاعدة فقهية تقول : ( إجماع الناس على شيء لا يحله) ، فإذا كنت على يقين بصواب ما تفعل لا تتنازل عنه مهما حدث ولا تغيره من أجل أحد .

By Lars