كان هناك رجل أعمى يدعى مأمون يعيش في قرية بعيدة بأطراف المغرب ، كان وحيدًا في بيته الصغير الجميل فقد تعود أن يعيش وحده دون زوجة أو أبناء ، وكان لديه بستان جميل خلف بيته كان يرعاه ويهتم بالأشجار الجميلة التي تنمو فيه ، وكان يزرع به الفواكه والخضروات اللذيذة التي يأكل منها .

وفي يوم من الأيام جاءه ساعي البريد بجواب ، فقال له الأعمى اقرأ ما به فأنا ضرير لا أستطيع النظر والقراءة ، فقرأه ساعي البريد وكان به وصية من قريب له توفي وترك له مال كثير بالبنك في المدينة ، فحزن الرجل على فقدان قريبه ولكنه فرح بتلك الأموال التي ستعينه على مشقة الحياة ، وكان لهذا الرجل الأعمى جار ولكنه محتال ولص ولا يجد من جيرته إلا كل سوء .

وفي يوم من الأيام ذهب الرجل الأعمى مأمون إلى صديقًا وفيًا له بالقرية  يسمى مازن  ، كان مازن رجلًا صالحًا اعتاد أن يقدم لمأمون المساعدة لذا أخبره بوفاة قريبة الذي ترك له الأموال ، وطلب منه أن يسافر معه إلى  المدينة حيث البنك ليحصل على تلك الأموال التي تركها له قريبه ، وبالفعل ذهب الاثنان معًا إلى المدينة وحصلا على الأموال وعاد بها الرجل الأعمى إلى بيته .

وقرر مأمون أن يضع تلك الأموال تحت شجرة مميزة بالبستان خلف منزله ، لكي لا يعرف أحد بأمره فيحاول سرقتها منه ، وبعد عدة شهور أراد أن يستخرج الأموال من تحت الشجرة ولكنه لم يعثر عليها ، وظل يبحث في كل مكان بالبستان ولكنه لم يجدها أبدًا ، وبعد وقت طويل من التفكير في من يكون قد سرق الأموال ؟

توصل إلى أنه غالبًا سيكون جاره المحتال فربما يكون شاهده وهو يضع الأموال تحت الشجرة  ، ففكر الرجل الأعمى في حيلة ذكية يعيد بها أمواله ، وذهب إلى بيت الرجل المحتال وقال له : لقد جئت لك كي أستشيرك في أمر مهم فقال له جاره المحتال : قل ما عندك ، فقال الرجل الأعمى مأمون لقد حصلت اليوم على أموال كثيرة جدًا وهي مبلغ كبير للغاية وأريد أن أحفظة في مكان أمن ، وقد جئت إليك كي أستشيرك هل أحفظة عند رجل يحفظ الأمانات للناس أم أحفظه في بستاني بمكان أمن ؟

فقال المحتال في نفسه : لا بد أن الأعمى سوف يخبئ تلك الأموال في نفس المكان القديم بالبستان وسوف أحصل عليها أيضًا ، لذا قال له : أحفظ أموالك بالبستان فتلك هي الطريقة الأفضل فشكره الأعمى وأخبره أن هذا هو الرأي السديد ، وفي المساء أخذ الجار المحتال الأموال التي سرقها وقرر أن يضعها بمكانها تحت الشجرة بالبستان لكي لا يكتشف الرجل الأعمى مأمون أمر سرقة تلك الأموال ويشك فيه .

وقال لنفسه : حينما يضع مأمون الأموال الجديدة سوف يقوم بسرقة كل الأموال مرة واحدة ، وفي الفجر ذهب الأعمى إلى تلك الشجرة وأخذ أمواله التي وضعها المحتال ، وكان هذا  اللص  يراقب الرجل الأعمى فظن أنه وضع أموالًا كثيرة على الأموال القديمة ، وبعدها خرج الرجل الأعمى وعاد إلى بيته .

وفي اليوم التالي تسلل الجار المحتال ليلًا إلى بستان الرجل الأعمى مأمون ، لكي يسرق الأموال من الشجرة وهو في غاية الفرح والسعادة لأنه سيعثر على أموال كثيرة ، ولكنه لم يجد أي أموال أبًدا فكل ما وجده كان ورقة جواب ففتحها المحتال وقرأ ما فيها : كانت بها رسالة تقول : (من يفكر بحكمةٍ وذكاءٍ لا يمكن أن يخدعه الأغبياء ) .

By Lars