انطلق رجلان سيرًا على أقدامهما ، ولكن مع شدة الحر كانا في حاجة للمياه ، ولم يكن معهما سوى جملاً واحدًا يمتلكه أحدهما ، ولم يكن للآخر شيء يملكه ، وسار الصديقان بحثًا عن أي منبع للمياه ، حتى وجدا بئرًا ، ولكن بلا دلو يمكنهما من حمل المياه ، فتبرع صاحب الجمل بأن ينزل ، إلى أسفل البئر يحمل المياه ويصعد ، بمساعدة صديقه ، فوافق الصديق .
قام الرجلان بربط حبل حول خصر صاحب الجمل ، وهبط الرجل إلى البئر وحمل جرتين من المياه ، فناولهما لصاحبه ريثما يصعد ، إلا أن صاحبه كان قد طمع في الجمل ، فقام بحمل المياه على ظهر الجمل ، وانطلق دونه ليظل الرجل داخل البئر ، لا يدري ما يفعل في هذا المأزق .
كان البئر عميقًا ولا يمكن للرجل صعوده وحده ، فجلس ينتظر قد يعبر أحدهم من هذا المكان ، ولكنه كان يعلم بأنها منطقة شبه مهجورة لا يأتي إليها أحد ، فجلس منتظرًا مصيره ، وهو الموت جوعًا وخوف .
عندما حل الظلام وأتى الليل ، سمع الرجل أحاديث لبعض الأشخاص ، فأرهف السمع قليلاً ، فإذا بهم مجموعة رجال من السحرة ، يأتون لهذا البئر كل عام في نفس الوقت ، ليسردوا إليه ما قد فعلوه طيلة العام ، فقال أحدهم مزهوًا بنفسه ، لقد قمت بعمل سحر ، تسبب بخسارة فلان لتجارته ، وقال آخر اما أنا فقمت بعمل سحر ، تسبب في عدم زواج إحدى الفتيات حتى وقتنا هذا .
وقال آخر لقد تسببت بموت فلان في حادث سير ، هنا نظر لجميع إلى ساحر عجوز ، وسألوه عما قد فعله طيلة العام ، فابتسم العجوز بخبث واضح ، وقال لهم أما أنا فقد تسببت بجنون ابنة الحاكم ، وحتى الآن لم يستطع أحدهم علاجها مما تعانيه ، ولا أحد يدري علاجها سواي ، فسأله أحدهم ، وما دواؤها ، فأجاب الساحر بخبث ، أن يُنثر عليها من ماء هذا البئر .
ظل السحرة يضحكون ويتسامرون ، حتى بزغ الصباح ، وهنا أقسم الرجل داخل البئر ، على إنقاذ ابنة الحاكم ، إن قدر له الخروج من مكانه هذا .
شاء الله العظيم أن يأتي إلى البئر ، مجموعة من الرجال أرادوا الحصول على بعض المياه ، هنا صاح الرجل من أسفل البئر بأنه يستطيع مساعدتهم في الحصول على المياه ، إن هم أخرجوه ففزع الرجال ، وظنوه عفريتًا ، ولكنه طمأنهم بأنه إنسي مثلهم ، وقصّ عليهم كيف غدر به صديقه ، وتركه بالبئر وحمل جمله ورحل .
ساعده الرجال على الخروج ، وساعدهم هو في الحصول على المياه ، وحصل لنفسه على البعض منه ، ثم انطلق نحو قصر الحاكم .
لم يرغب الحراس في إدخال الرجل ، وسخروا منه قائلين أنه لم يأت طبيب إلا وعجز عن إنقاذ ابنة الحاكم ، ولكن مع إصرار الرجل أدخلوه ، للحاكم الذي كان قد يئس من شفاء ابنته الوحيدة ، ولكنه ترك الرجل يؤدي عمله ، فصعد الرجل إلى غرفة تم عزل الفتاة بداخلها ، وهناك رآها جميلة رثة الثياب وشعثاء الشعر ، وما أن رأته حتى حاولت الهجوم عليه ، فقذف بالمياه في وجهها ، فسقطت مغشي عليها قليلاً ، ثم استفاقت وهي عاقلة تمامًا كما كانت ، وتتساءل عما حل بها .
لم يستوعب الحاكم ما حدث ، وانطلق لير ابنته ، التي ما أن شاهدها قد عادت عاقلة تمامًا ، حتى زوجها من منقذها ، ولأن الحاكم لم يكن لديه سوى ابنته ، فبعد أن توفاه الله ، صار الرجل حاكمًا للبلاد .
وأثناء تجوال لحاكم في البلاد ، لمح صديقه الخائن ، ف طلب من الحراس أن يأتونه به ، ففعلوا وما أن ذهب الرجل إليه ، حتى أخذ يتوسل إليه أن يتركه ، فقال له الرجل ألا تعرفني؟ فأجابه أنه لم يدخل هذا القصر قط من قبل ، فضحك الرجل وطلب منه النظر إليه بتمعن ، فنظر له الرجل طويلاً ، ثم اتسعت عيناه رعبًا ، وطلب منه الرحمة ، فضحك الحاكم وقال له ، لقد عفوت عنك فأنت السبب فيما وصلت إليه هنا ، وقص عليه ما حدث معه منذ عام مضى بالضبط ، ثم أطلق سراحه .
حدث الرجل الطماع نفسه ، وقال لم لا أذهب إلى البئر أنا أيضًا ، وأستمع لهم في يومهم هذا ، فسوف يأتون إلى البئر في الغد ، وبالفعل ذهب الرجل وقبع بالبئر وأتى السحرة ، وبدؤوا يتبادلون أطراف الحديث ، وهنا تحدث الساحر العجوز ، بأنه قد قام بعمل سحر قوي لابنة الحاكم ، ولا يدري كيف نجت منه ، واتهمهم بأن هناك خائنًا فيما بينهم ، فأجابوه جميعًا أنهم لم يتفوهوا لأحد قط بما حدث بينهم ، أو قصّوه على بعضهم بعضًا ، فأجابهم آخر أن هذا البئر لابد أنه يذخر بالجن ، ولابد لهم من ردمه والانتقال للحديث إلى جوار بئر آخر ، وبالفعل قاموا بإلقاء الحجارة على البئر حتى ردموه ، وهكذا مات الرجل الطماع دون أن يجني شيئًا .